نشرة الأقصى الإلكترونية

في شهر حفل بذكريات  الإسراء ويوم اليرموك ويوم القدس

فرسان صلاح الدين الأيوبي يظهرون من جديد على جبال السلط وعلى مسرح الأرينا 

كتب: تامر الصمادي، حبيب أبو محفوظ 

 

عمان، الثلاثاء 22-8-2006م- فوجئ آلاف الأردنيين يوم الجمعة (11-8) بجنود يمتطون صهوات خيولهم، بعد أن اتشحوا بأزياء وأسلحة صلاحية، قالوا إنهم من أتباع صلاح الدين الأيوبي ومن رجاله الذين شاركوا معه في تحرير المسجد الأقصى المبارك سنة 1187.

كانوا يلبسون خوذ القتال وغبار المعارك مازال عالقا على أقدامهم، وفي رفقتهم ناقروا الطبول الصلاحية الذين حملوا الطبول المستديرة على صدورهم، وأخذوا يضربون عليها بقوة لتصدر صوتاً عالياً أوحى للسامعين المندهشين بأنهم ذاهبون في طريقهم لتحرير المسجد الأقصى من جديد، بعد أن أراحوا خيولهم في العاصمة عمان كي تلتقط أنفاسها.

هذا المشهد وغيره من المشاهد الدرامية «المثيرة»، كان إعلان البداية للمهرجان الذي حمل عنوان «ملتقى الأحبة» في مسرح الأرينا، والذي نظمه ملتقى القدس الثقافي احتفاء بذكرى الإسراء والمعراج، ومعركة اليرموك، واستذكارا منه لإحراق المسجد الأقصى الذي صادف موعده لحظة انعقاد المهرجان.

عشرات الصيوانات «المقدسية» التي كانت منتشرة في ممرات وساحات مسرح الأرينا، أوقفت عجلة الزمن لدى العائلات الأردنية التي شاركت في المهرجان وأعادتها إلى الوراء عشرات السنين، حيث مدينة القدس القديمة عندما دخلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحررها صلاح الدين، فالمواقد القديمة كانت مضاءة، والعجوز السبعينية كانت تعجن الخبز كي تشويه في الطابون، والأزياء المقدسية التي تعبر عن تاريخ وعراقة أهل الأقصى كانت تغطي الجدران.

الحاجة «عزية عبد العزيز» أو كما يحلو لها أن تسمي نفسها بـ«الجدة المقدسية» وهي اللاجئة التي تعيش في أحد المخيمات، رأيناها وقد تجمع أطفال الأردن من حولها كي يستمعوا لها وبكل شغف عن «حكايا أيام زمان» حيث القدس الشريف، والحواري القديمة، والزقق المتهالكة، حدثتهم عن أيام حصاد الفلاحين، وعن جني المحصول، وعن الخبز البلدي المجبول بعرق أهل فلسطين وترابه.

عجوزنا المقدسية كان هدفها من سرد القصص للأطفال كما قالت لـ«السبيل»، تذكيرهم بأولى القبلتين وثالث المساجد في الإسلام، وتنبيههم بأن هناك من يغتصب هذه الأرض، وأنهم جيل النصر الذي سيحررها من دنس اليهود ورجسهم كما قالت.

ما يحدث في لبنان من قتل، وتدمير، وتشريد للأطفال، لم يغب عن خلد الأطفال الذين أتوا للمشاركة في المهرجان، فالرسومات التي كانت تزين وجوههم شكلت رسالة واضحة مفادها «لن ننساكم يا إخواننا وأهلنا في لبنان وفلسطين»، والأعلام اللبنانية والفلسطينية والشعارات التضامنية مع الشعبين «المقهورين» لم تغب هي الأخرى عن وجوههم البريئة .

حتى الألعاب وظفت لصالح تعريف الأطفال بالمسجد الأقصى وبقدسيته كما أكدت المشرفات على هذه الألعاب، الطريق إلى الأقصى هي إحدى الألعاب التي كانت تمثل عددا من الصعوبات التي يواجهها الطفل في أثناء لعبه للتقدم إلى القدس وليحصل في النهاية على جائزة بعد أن يحرر الأقصى من الصهاينة.

كل المسرحيات، والألعاب، والدمى المتحركة التي كانت فعالياتها مستمرة منذ ساعات الصباح الباكر وحتى الساعة العاشرة ليلا، تركزت في مضمونها على التذكير بالمسجد الأقصى، وحث الصغار على المحافظة على العهد بأنهم سيدافعون عنه ويحمونه من اليهود، وهيكلهم المزعوم.

«وثيقة العهد الأبدي» التي كانت توزع على المواطنين خطها ملتقى القدس الثقافي ليعاهد المواطن الأردني رب العالمين بأن يذود بقدر ما يستطيع عن المسجد الأقصى المبارك، وأن لا يطبع مع العدو الصهيوني، وفي ذلك تقول المشرفة هند عمر إنها عبارة عن «وثيقة بين العبد وربه، فحواها أن يبقى المسجد ألأقصى وكل فلسطين حاضرة في الوجدان، ويتعهد الفرد أن يعمل على حمايتها ويقاطع الصهاينة ويرفض التطبيع معهم»، حيث يقوم الشخص بشراء نسخة من الوثيقة، ويتم تسجيل اسمه فيها ومن ثم يحتفظ بها.

كما قدمت فرقة مودة الفنية بقيادة الفنان العراقي مصطفى العزاوي مجموعة من الأناشيد والموشحات التي تتحدث عن القدس وجراحها النازفة من خلال نشيد «يا قدس يا أم الجراح النازفات لا تيأسي فالوعد آت»، ولم يغب عن العزاوي التطرق للعدوان الذي يتعرض له لبنان حيث غنى «عمان لنا، لبنان لنا، والقدس لنا».

فرقة الروابي هي الأخرى قامت بعرض «أوبريت مقدسي» بعنوان «ويحي كيف أنساكي»، لاقت تفاعلاً كبيرا من الجمهور الذي استمع للأوبريت بمصاحبة عرض data show لمجموعة من الصور والمقاطع التي تُظهر معاناة الشعب الفلسطيني وتصميمه من جهة أخرى على الاستمرار في المقاومة والذي استمر طيلة فعاليات الحفل.

أمين سر الملتقى قدم عرضاً من خلال شاشة العرض عن المسجد الأقصى قبل وبعد إحراقه، وصورا لمنبر صلاح الدين، وصوراً للمنبر الجديد الذي تم الانتهاء منه قبل فترة وجيزة في الأردن. وعادت الفقرات الفنية على المسرح بمشاركة فرقة اليرموك الفنية التي قدمت مجموعة من الأناشيد الحماسية من خلال «لا تحزن يا أعظم شعب»، و«راجعلك يا بلادي».

وألقى الشاعران غازي الجمل وأيمن العتوم قصيدتين عن فلسطين ولبنان أشادا فيها بصمود المقاومة اللبنانية في ظل الحرب «الشرسة» على بلادهم.

كما قدم راعي الحفل الدكتور إسحاق الفرحان دروعاً تكريمية للذين ساهموا في خدمة المسجد الأقصى ومنهم: رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين سالم الفلاحات، سعود أبو محفوظ، د إبراهيم زيد الكيلاني، عبد العزيز السيد (أمين عام الأحزاب العربية)، الأب قسطنطين قرمش، حازم نسيبة، وائل السقا، عودة القواس، رائف نجم، عبد العزيز الخياط، يوسف العظم، كامل الشريف، ورئيس المجلس الأرثوذكسي رؤوف أبو جابر، عبد الله كنعان، رزان زعيتر، صبحي غوشة، والشاعر داوود معلا.

واختتم الحفل الذي غلب عليه الطابع النسائي بتلاوة رئيس مجلس العلماء في حزب جبهة العمل الإسلامي الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني لنص قسم وثيقة العهد، وردد الجمهور وراءه بصوت عال الأيمان المغلظة وهم وقوف رافعين أصابع السبابة، ومؤكدين حرصهم وعهدهم أمام الله على المسجد الأقصى والقدس وكل فلسطين.

 

المصدرجريدة السبيل الأردنية

 


للحصول على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى التسجيل في القائمة البريدية للموقع:

alaqsa_newsletter-subscribe@yahoogroups.com

عودة