نشرة الأقصى الإلكترونية

«بوابة خلدة» اليهودية تهدد سور القدس بالانهيار

الكيان الغاصب يروج لها كأحد أروع الأماكن الروحية في المدينة

أسامة العيسة 

 

الحفريات اليهودية تؤدي إلى شقوق في الجدار الجنوبي للأقصى والذي هو جزء من جدار القدس أيضا

 

يرفض الكيان الصهيوني الاستجابة لمطالب دائرة الأوقاف الفلسطينية، بترميم أجزاء من السور المحيط ببلدة القدس القديمة، حيث تقع داخله الأماكن المقدسة، وتتمسك بمشروعها الذي بدأته قبل نحو أربعين عاماً بإجراء الحفريات في كل مكان تستطيعه بحثا عن أماكن أثرية يهودية مفترضة. ومنذ سنوات، تتركز الحفريات جنوب وشرق المسجد الأقصى المبارك، حيث توجد عدة بوابات مغلقة كانت تستخدم لدخول الأمراء الأمويين إلى المسجد، وأغلقت في فترات لاحقة لأسباب يعتقد أنها عسكرية. واكثر ما يثير شغف رجال الدين والآثار اليهود بوابة مغلقة في السور يطلقون عليها اسم بوابة خلدة، على اسم إحدى نبيات العهد القديم، وهي وفقا لاعتقادهم كانت تدخل إلى ما يسمونه جبل الهيكل، وهو مكان المسجد الأقصى الان.

 

صورة أقرب للتشققات في الجدار الجنوبي للأقصى، وتحديدا على الجانب الغربي من الزاوية الختنية

 

بوابة خلدة تقع في زاوية المدرسة الختنية، مع السور، بنيت في زمن صلاح الدين، لأسباب يعتقد أنها دفاعية، وتقع في أخر ما يعرف باسم الأقصى القديم وهو التسوية الأرضية للمسجد الأقصى.  

الزاوية الختنية ويقع داخلها الباب المزدوج الذي يطلق عليه الصهاينة "باب خلده" 

ويتم الترويج للبوابة سياحيا من قبل الكيان الغاصب كأحد "أروع الأماكن الروحية" بالقدس، في الوقت الذي تستمر فيه الحفريات التي كشفت كما تقول المصادر اليهودية عن نفق يمتد من الحائط الغربي إلى تحت الحي الإسلامي مما يشكل خطرا على المسجد الأقصى ويهدده بالانهيار.  

صورة أوضح للزاوية الختنية ويظهر فيها درج حجري عريض أقامه اليهود بين البابين الثلاثي والمزدوج المغلقين في الأقصى بزعم أنه يقود إلى "بوابة خلده"

وفي كل فترة وأخرى يتم الإعلان عن اكتشاف معين في المكان، وافتتح متحف صغير يدعى مركز دافيدسون يعرض جدولا زمنيا للفترات التاريخية التي تعاقبت على القدس من وجهة نظر صهيونية وكذلك أفلاما عن الموقع الأثرى، لا تخرج عن وجهة نظر معينة وابرزها فيلم قصير يعيد بناء الحياة اليومية بالقدس من خلال رحلة حاج يهودي مفترضة للاماكن المقدسة في المدينة. وتبقى بوابة خلدة التي يتم الترويج لكثير من القصص حولها هي الأهم، باعتبارها المكان الذي كان يدخل عبره اليهود إلى المسجد الأقصى المبارك، ويغطي ذلك على آثار رومانية هامة في المكان. وعادة ما يقول الدليل السياحي الصهيوني للزوار شارحا "هذه البوابة التي صعد عبرها شعب "إسرائيل" إلى جبل الهيكل، هنا اتخذ الحاخامات القرارات المصيرية". ويستدل الدليل على كلامه بنصوص توراتية، ولانه يعرف أن غالبية السائحين من المسيحيين، يروي لهم انه في عام 1970، زار نيل أرمسترونغ، أول إنسان مشى على سطح القمر، المكان وقال "عندما علمت أن يسوع مشى هنا، شعرت بتأثر لدى الوقوف هنا اكثر من الوقوف على سطح القمر".

ولم يعش ارمسترونغ ليرى أن كل هذه الحفريات، صدعت سور القدس، التي يعتقد بعض المهتمين من الفلسطينيين ان ذلك يجري عمدا، لان انهياره بالنسبة للصهاينة سيسرع دخولهم من بوابة خلدة إلى المسجد الأقصى المبارك.

وقد اصبح خطر انهيار السور الجنوبي، جديا، فارتفعت الأصوات التي تدعو سلطات الاحتلال للسماح لدائرة الأوقاف بترميمه. ومن هذه صوت النائب العربي في الكنيست الصهيوني حنا سويد الذي حذر مما اسماها كارثة تهدد بانهيار السور وقال سويد "ان لم تتم المباشرة بأعمال صيانة وترميم آنية فهنالك خطورة كبيرة لإضعاف السور وانهياره كليا، فعامل الزمن والمناخ كفيلان بالتأثير سلبا على وضعيته فماذا سيكون الوضع إذا أضفنا لذلك الحفريات والركام".

وندد الشيخ تيسير التميمي، قاضي قضاة فلسطين، بمنع سلطات الاحتلال ترميم السور وطالب الهيئات الدولية والإقليمية بالضغط على حكومة الاحتلال لثنيها عن عرقلة ترميم مباني المسجد التي يتهددها خطر حقيقي، مؤكدا أن "المسجد الأقصى جزء من عقيدة كل مسلم في العالم ولن يسكت المسلمون عن أي تهديد يمس المسجد الأقصى المبارك".  

 

السور الشرقي وجزء من السور الجنوبي للأقصى يتحد مع أسوار القدس

ويعتبر سور القدس، أحد أهم معالم المدينة، تم هدمه مرات عديدة لأسباب سياسية، وأعيد بناؤه أكثر من مرة، وحرص كل بان جديد على ترك بصمته على حجارته، وهو رمز لمدينة لم تنته الأحداث الدرامية فيها منذ أكثر من 7 ألاف عام، وكانت مسرحا لغزوات ومجازر، ومكانا للقاء دام بين الغرب والشرق في الحروب الصليبية، والذي لم تزل تداعياته حاضرة.

وربما تكون كلمة (سور) قاصرة عن وصف هذا المبنى الذي لا يكشف عن أسراره حتى للذين يرونه يوميا، وان كان يثير الدهشة بعمارته وتكوينه. فهو يحتوي على أبراج وغرف وما يشبه القلاع ومساجد وأدراج ومنافذ للصعود والخروج وباحات وأقواس وشبابيك مشرعة، وكل ما يلزم في وقت مضى للدفاع عن مدينة وصفها الاخباريون العرب بأنها عاصمة الأنبياء، وتغنت بها مطربة عربية معاصرة بوصفها "زهرة المدائن". ويمكن إحصاء 35 برجا للمراقبة بنيت على السور، لكن بعضها لم يستكمل بناؤه، وكل برج مكون من ثلاث طبقات، السفلى كانت تستخدم كمخازن وإسطبلات للخيل، أما الوسطى فكانت سكنا للحراس والطبقة العليا خصصت للحراسة.

وكان السور، عرضة لتقلبات الأحوال، فبعد وفاة صلاح الدين الأيوبي توزعت إمبراطوريته على أبنائه وأحفاده الذين تحاربوا وتصالحوا والت القدس إلى أحد هؤلاء الأحفاد وهو الملك عيسى الذي اصبح عاشق المدينة المتيم، وحكمها ما بين عامي 1202-1212م وبنى فيها المدارس والأسبلة والأبراج، وكان يسير في شوارعها كما يروى مهلهل الثياب، لكن حكمه للقدس انتهى نهاية درامية، كما يليق بقصص العشق، فهو كان مسكونا بمخاطر إعادة الصليبيين لاحتلال القدس، واخذ مدينته الحبيبة منه، فأمر بتخريبها وهدم سورها، وأدى ذلك إلى نزوح كبير من المدينة ومات كثير من سكانها جوعا وعطشا وحدث نهب وقصت النساء شعورهن ومزقن ثيابهن غضبا وحسرة. وخضعت القدس للعثمانيين بعد انتصار السلطان العثماني سليم الأول الذي أعاد بناء سور المدينة بعد أن هدمه العاشق الجبان (المعظم عيسى) وأضاف إليه الحكام الذين أتوا بعده، مما جعله كما هو عليه الآن.

 

 

المصدر: مؤسسة فلسطين للثقافة نقلا عن الشرق الأوسط

تعليق الموقع:

اختلف المؤرخون في حكمة الخطوة التي اتخذها السلطان الأيوبي الملك المعظم عيسى والتي يصفه المقال بسببها بـ "الجبن"،  ولذا، فإن هذا الحكم لا يجب أن يؤخذ به على إطلاقه، خاصة وأن هذا السلطان كانت له آثار خالدة كثيرة في المسجد الأقصى المبارك من بينها الصهريج الذي يحمل اسمه، والقبة النحوية، وتجديدات الأبواب الشمالية وبعض الأبواب الغربية داخل المسجد المبارك.


للحصول على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى التسجيل في القائمة البريدية للموقع:

alaqsa_newsletter-subscribe@yahoogroups.com

عودة