نشرة الأقصى الإلكترونية

دلالات وأبعاد قرار فصل موظفين في المسجد الأقصى  

25-7-2006م

 

 القدس المحتلة ـ المركز الفلسطيني للإعلام (خاص)

كشف عددٌ من حرَّاس المسجد الأقصى المبارك عن مؤامرة ثلاثية تحاك ضد مدينة القدس الشريف بشكل عام والمسجد الأقصى بشكل خاص من أجل تقويضه والسيطرة عليه وتقسيم المدينة المقدسة وإنهاء ملفها بشكل كامل لصالح الجانب الصهيوني.

 

 ويُوضِّحُ عددٌ من الحرَّاس لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" (طلبوا عدم كشف أسمائهم) أن الحكومة الأردنية والسلطات الصهيونية ومتنفِّذين في السلطة الفلسطينية مشتركون في المؤامرة، وأن أصحاب القرار والنفوذ داخل دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة هم الذين يُطبِّقون ما يتفق عليه، مشيرين إلى أنَّ قرار فصل نحو 30 موظفا يعملون في الأوقاف بمدينة القدس بقرار وزارة الأوقاف الأردنية والذي اتخذ مؤخرا دون سابق إنذارٍ أو لفت نظر يأتي لإزاحتهم من أجل تنفيذ تلك المخططات الخبيثة.

 

فقد نوَّه أحد الحرَّاس المفصولين والذي كان يعمل خلال الفترة الصباحية بأن هناك ضغوطات ومضايقات هائلة تمارس من قبل دائرة الأوقاف على الحراس الملتزمين خاصة، من أجل إجبارهم على ترك عملهم أو السكوت عما يجري من تعديات داخل أسوار المسجد الأقصى والمناطق المحيطة به.

ويؤكد هذا الحارس أن هناك شخوصاً فاسدة ومعروفة بتاريخها وسمعتها السيئة ومرفوضة من قبل المجتمع المقدسي برمته تسلَّمت زمام القيادة والإدارة في الأوقاف بالقدس المحتلة، وهي اليوم تعيث فسادا لتنفيذ المخططات الرامية إلى تهويد القدس وإلحاق الضَّرر البالغ بالمسجد الأقصى، وأنهم يعملون من "تحت الطاولة" ضد الحراس الشرفاء الذين يرفضون تنفيذ ما يأمروهم به.

ويقول: "يقوم هؤلاء برفع كتب ومذكرات بحق الحراس الأمنيين وفصلهم وإلحاق الأذى بهم، وكان آخرهم "ماجد الجعبة" الذي أصدرت الشرطة الصهيونية قرارا بمنعه من دخول المسجد الأقصى مدة ثلاثة أشهر وذلك للمرة الثالثة، على الرغم من أنه يقطن في حي باب الحديد، ولا يبعد بيته عن المسجد سوى 20 متراً.

 

قرار فصل الموظفين

وعن قرار فصل نحو 30 موظفاً من الأوقاف بحجة أنهم كبار في السن، يؤكد الحارس أن هذا الأمر ليس صحيحا، فمعظمهم من صغار السن، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بكونهم من النشيطين والمدافعين عن المسجد الأقصى كل في وظيفته، أو أنَّ بعضهم له خلفية سياسية إسلامية.

 

الموظفون المفصولون أكدوا أنّ أسباب هذا الفصل سياسية تعسفية، لأنهم ينتمون لأحزابٍ وحركات إسلامية غير مرضيٍّ عنها لدى المخابرات الأردنية، وقرّر المفصولون تشكيل لجنةٍ للاستئناف على هذا القرار الذي وصفوه بالتعسّفي، والجائر والذي يأتي لأسبابٍ سياسية، مشدِّدين على أنهم يقومون بواجبهم على أكمل وجهٍ، و أن هذا القرار يأتي بصورةٍ مجحفة بحقّهم، ويتعارض مع القوانين وأنظمة التوظيف المتبعة في الدوائر الحكومية.       

وناشدوا أصحابَ الشأن والمؤسسات الشعبية، والجهات الرسمية بإعادة النظر في هذا القرار المجحِف، لأنه يشكّل سابقةً خطيرة في التحكّم بلقمة العيش لعشرات العائلات الفلسطينية في ظلّ هذه الظروف السياسية الصعبة.

وعُرِف من بين المفصولين: إياد محمد أحمد عطون-مؤذن وخادم مسجد صور باهر، مسلم فهمي عبد الحميد ناصر الدين-إمام مسجد، محمد فلاح أبو خضير-مؤذن وخادم مسجد الأدهمي في شعفاط، أحمد يونس أبو اسبيتان-إمام مسجد الطور، يوسف كامل قاسم-موظف في المالية، نعيم حسن علي يوسف- واعظ، محمود فلاح مصطفى أبو خضير إمام وخطيب مسجد علي ابن أبي طالب في شعفاط، راضي محمود حسن أبو طير-حارس في المسجد الأقصى المبارك.

أما المهندس عدنان الحسيني مدير الأوقاف فيقول في تصريح خاص بـ"المركز الفلسطيني للإعلام": إن قرارَ دائرة الأوقاف الأردنية بإنهاء عقود عدد من الموظفين طال فقط ثمانية وليس ثلاثين، كما ذكرت بعض وسائل الإعلام، ونفى الحسيني علمه بأن قرار إنهاء خدمات هؤلاء الموظفين جاء بسبب علاقتهم أو قربهم من الحركة الإسلامية.

وعودة للحارس الذي أكد أن عمره لا يتجاوز الثلاثين عاماً ولم يعرف بعدُ سبب فصله عن العمل، فقد قال: إن للقرار تبعات سياسية، "فالحارس راضي محمود أبو طير فصل عن عمله كونه شقيق الشيخ محمد أبو طير النائب في كتلة "التغيير والإصلاح" البرلمانية بعد أن خدم 27 عاماً في وظيفته"، قائلا "إن المهندس الحسيني يعرف الأسباب الفعلية للقرار، لكنه يخشى من ذكرها".

 

إجراءات خبيثة

موظف ثان فصل من عمله، أوضح لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أن الإدارة الجديدة للأوقاف وفي دائرة الحراسة تحديدا تعمل على تغيير القائمين على "الشفتات" من الحراس بوضع أشخاص لا علاقة لهم بالعمل أو الحراسة.

وعن تأثير ذلك قال الحراس "دورنا يتمثل في حماية المسجد الأقصى ومنع دخول اليهود والمستوطنين إليه والتصدي لأي اقتحام قد تقوم به الجماعات المتطرفة، أو لأي هجوم قد يقوم به المستوطنون، وخاصة ممن يؤمنون بوجوب هدم الأقصى لإقامة الهيكل، ولو تطلَّب الأمر أن ندفع أرواحنا رخيصة في سبيله".

وأضاف "منْ يعمل الآن في الحراسة وبأوامر من مسؤوليهم لا يهتمون كثيرا بقضية دخول اليهود للحرم القدسي، ويمنحون الشرطة (الإسرائيلية) تسهيلات غير مبررة للتدخل في شؤون المسجد والحراسة، وهناك تكمن الخطورة، فقد كان يدخل لباحات المسجد 5 مستوطنين يوميا وتحت حراسة شرطية مكثفة وكان الشَّرطُ أن يرافقهم أحدُ الحراس ولا يبتعد عنهم نهائيا، بل يرافقهم في كل خطواتهم إلى حين خروجهم".

 

لكن الوضع اليوم اختلف، فالإجراءات التي أقرتها الأوقاف بإيعاز من المسؤولين الجدد تتغاضى عن دخول أعداد كبيرة من المتطرفين للحرم قد يتجاوز أعدادهم في غالب الأحيان 400 مستوطن، ولا يقف الأمر عن هذا الحد، بل يسمح لهم بالتجول الحر كما يمنع على الحراس الذي يرافقهم أن يرتدي زيَّه الخاص به وعليه أن يبتعد عنهم مسافة تزيد عن 20 مترا، يقول الحارس "أي تجاوز لهذه التعليمات يقودونا إلى أقبية التحقيق عند المخابرات (الإسرائيلية)".

ويضيف "انقلبت الصورة اليوم، فقد بتنا عاجزين عن صد أي اعتداء على المسجد الأقصى بسبب الإجراءات التي تقيدنا، وأصبح بمقدور الشرطي (الإسرائيلي) منع من يشاء من دخول المسجد بدون أي سبب لمجرد أن شكله الخارجي مثلا لا يعجبه، كما أنه قد يسمح لمن يريد بالدخول ولو كان يريد إلحاق الأذى به كالمتطرفين الصهاينة وجنود الاحتلال المسلحين".

 

ملاحقة خارج العمل

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فأحد الحراس تعرض لملاحقات صهيونية لمشاركته في نشاط عام خارج عن مجال عمله، ويقول هذا الحارس: "بتنا ممنوعين من ممارسه نشاطات أخرى، وأنا شخصيا خضعت لتحقيق من قبل المخابرات (الإسرائيلية) لمشاركتي في مخيم صيفي إسلامي في المسجد الأقصى، فطلب المحقق تفسيرا لذلك".

وتتزامن هذه المضايقات مع اعتزام سلطات الاحتلال الصهيوني افتتاح نفق من الجهة الغربية للمسجد الأقصى يمتد بين آخر مغارة سليمان وحارة السعدية وتحديدا وراء مدرسة "الميلاوية"، وكذلك بناء مستوطنة مكونة من 250 وحدة سكنية في وسط الحي الإسلامي بالقرب من برج اللقلق من الناحية الشمالية للمسجد الأقصى.

  

الأقصى والمقدسيون

حارس رابع يضيف على ما تقدم بالقول: "إن سلطات الاحتلال ومعاونيها يعملون ليل نهار وبكل جدٍّ واجتهاد للإجهاز على المسجد الأقصى ولتهويد القدس"، متسائلاً: "ما معنى بناء مستوطنة وسط أشهر حي إسلامي في القدس؟".

ويتابع بعد أن تحشرج صوته وهو يمنع نفسه من البكاء "عندما نخبر المسؤولين في الأوقاف عن التعديات وما تقوم به الزمرة الفاسدة في إدارة الحراسة وما يخطط له الصهاينة، يصمتون ويقولون لنا (ما في باليد حيلة)".. ويمضي قائلاً: "اليوم الأقصى في أسوأ حالته التي لم تمر عليه حتى إبَّان الاحتلال الصليبي".

 

ومع إيمانه المطلق بأن الله هو الحامي والحارس للمسجد الأقصى وللمقدسات في بقاع العالم أجمع، إلا أنه يؤمن بأن الخير في المقدسين ما زال موجودا وأنَّ الحمية عن الأقصى ما زالت تعشعش في صدورهم، مستشهداً بحادثة وقعت في نيسان/أبريل الماضي، حيث يقول "قمنا بتركيب أجهزة إلكترونية مسجل عليها الآذان بصوت الشيخ "ناجي القزاز" أحد مؤذني المسجد الأقصى، تؤذن تلقائيا في حال تأخر الآذان عن موعده، ومن قام ببرمجتها مهندسون يهود، لكنهم لم يفرقوا بين الليل والنهار، فبرمجوا صلاة الظهر الساعة الواحدة إلا ربعا فجرا وليس ظهرا، وفي أول ليلة تعمل بها هذه الأجهزة بدأت تؤذن والناس نيام، فرأينا حشوداً زاحفة تقدر بالآلاف من أهالي القدس وهي تتوجه مسرعة نحو الأقصى يحملون كلَّ ما توفر بين أيديهم ظنا منهم أنه تعرض لهجوم ما، ولم يعودوا إلا بعد أن أكدنا لهم أن ما حدث ليس سوى خطأ في البرمجة، وأن الأقصى في خير ما دام فيه أناس أمثالهم".

 

المصدر:المركز الفلسطيني للإعلام

 


للحصول على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى التسجيل في القائمة البريدية للموقع:

alaqsa_newsletter-subscribe@yahoogroups.com

عودة