نشرة الأقصى الإلكترونية

الاحتلال "الإسرائيلي" وما تبقى من حارة المغاربة

الشيخ محمود إبراهيم الصمادي

تاريخ النشر: 11/02/2007م

 

كانت حارة المغاربة قبل عام 1967 عامرة بالأسواق والمحلات والبيوت والمساجد والزوايا والمدارس والأبنية والدور العديدة والتي كان أكثرها موقوفا للفقراء والمساكين، وكانت الحارة ملاصقة لحائط البراق، ولما احتل اليهود القدس أزالوا هذا الحي عن بكرة أبيه وجعلوه ساحة كبيرة تطل على حائط البراق أو ما يسمونه حائط المبكى.

 

يعود تاريخ إقامة المغاربة في القدس إلى سنة 296هـ/ 909م عندما قدموا مع القائد جوهر الصقلي إلى القاهرة ومن ثم إلى القدس، وقد ازداد عددهم عند هذا الحائط بعد تحرير القدس على يد صلاح الدين الأيوبي في سنة 583 هـ 1187 م رغبة منهم في مجاورة المسجد الأقصى، والقيام على خدمته، ولهذا قام الأفضل نور الدين بن صلاح الدين الأيوبي بوقف تلك البقعة من الأرض التي اعتاد المغاربة أن يقيموا عليها عند حائط البراق. وأوقفها على ذكورهم وإناثهم وعرفت من وقتها بـ (حارة المغاربة).

 

يقول مجير الدين الحنبلي: "حارة المغاربة – وقفها الملك الأفضل نور الدين أبو الحسن علي بن الملك صلاح الدين على طائفة المغاربة على اختلاف أجناسهم ذكورهم وإناثهم، وكان الوقف حين سلطنته على دمشق وكان القدس من مضافاته، ولم يوجد لها كتاب. فكتب محضراً بالوقف لكل جهة، وثبت مضمونه لدى حكام الشرع الشريف بعد وفاة الواقف".

 

دونت وثيقة الوقف لأول مرة سنة 666هـ / 1267م وأعيد تدوينها في عام 1004هـ/1595م.

 

وقد رأيت صورة لهذه الوقفية في كتاب "المنهل الصافي في الوقف وأحكامه والوثائق التاريخية والحقوق الوقفية الإسلامية في فلسطين" للشيخ محمد أسعد الإمام الحسيني ، طباعة القدس 1982"

 

وقد حصل المؤلف على الوثيقة من المحكمة الشرعية بالقدس، وهي عبارة عن وقف حارة المغاربة كاملة للجالية المغربية وقد أوقفها السلطان الملك الأفضل نور الدين بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شادي رحمهما الله على جميع طائفة المغاربة على اختلاف أوصافهم وتباين حرفتهم ذكورهم وإناثهم كبيرهم وصغيرهم فاضلهم ومفضولهم ليسكنوا في مساكنها وينتفعوا بمرافقها على قدر طبقاتهم ما يراه الناظر عليهم "

وفي الكتاب وثيقة ثانية للمغاربة يرجع تاريخها إلى 29 رمضان سنة 720 ولم يعرف من واقفها وهي قرية عين كارم بأكملها خلا المسجد وطريق المسلمين ومقبرة البلدة، وعين كارم من أشهر قرى القدس الغربية وفيها من العيون ومصادر المياه والأشجار المزروعة والثمار والعنب وغير ذلك من موارد العيش الكريم.

والطريف في هذه الوثيقة ما جاء فيها من حق المغاربة في الاستفادة من القرية ومواردها فإذا انقرضوا فلغيرهم، تقول الوقفية: "فإذا انقرضت المغاربة ولم يوجد منهم أحد مقيما بالقدس الشريف سواء أكان ذكرا أو أنثى فيرجع وقفا على من يوجد من المغاربة في مكة المشرفة زادها الله شرفا وعلى من يوجد منهم بالمدينة المنورة ، وإن لم يوجد أحد منهم في الحرمين الشريفين فيرجع وقفا على الحرمين الشريفين"

وفي عهد الملك الناصر محمد بن قلاوون المملوكي أنشأ أحد علماء المغاربة وسكان حارتها واسمه عمر بن عبد النبي المغربي المصمودي وقفية جديدة على زاويته التي أنشأها في حارة المغاربة بتاريخ 3 /ربيع أول /703هـ /1303م وتوالت بعدها أوقاف المغاربة في هذا الحي المسلوب وأهمها"

 

· متوضأ حارة المغاربة

· المدرسة الأفضلية

· الباب اليماني

· باب سلوان

· باب حارة المغاربة

· مقام ومسجد الشيخ عيد

· دار مجير الدين عبد الرحمن العليمي

· باب المغاربة من داخل السور

· باب المغاربة في المسجد الأقصى .  

 

لقد عمدت "إسرائيل" منذ احتلالها وحتى الآن إلى السيطرة التامة على هذا الحي وتوسيع الساحة أمامه و القيام بعمل كنس يهودية بجواره وفتح الأنفاق وتوسيع الحفريات وتزوير التاريخ وتغيير الأسماء ..

 

ففي الحادي عشر من حزيران عام 1967م، قاموا بهدم حارة المغاربة كلها بما فيها من بيوت وأوقاف عديدة بعد إعطاء السكان مهلة 24 ساعة، لإخلاء الحي؛ حيث تم طرد 650 عربيا منها كما تم طرد 3 آلاف عربي من حارة الشرف، التي أطلق عليها فيما بعد "حارة اليهود" وبهدم حارة المغاربة استولى اليهود على الحائط الغربي للمسجد حائط البراق - وأطلقوا عليه زوراً وبهتاناً "حائط المبكى" وقاموا بتوسيع الساحة الملاحقة له.

 

ولم يبق من آثار حارة المغاربة إلا الباب والممر الترابي، لذا نجد الآن الحملة مستعرة على ما تبقى من رائحة التاريخ وعبق التراث والأصالة، لذا قامت الجرافات "الإسرائيلية" في أيامنا هذه من التخلص الممر الترابي وحفر الأنفاق تحته ليتداعى السور ومن ثم المسجد وانهياره لا قدر الله.

 

المصدر: مؤسسة فلسطين للثقافة


للحصول على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى التسجيل في القائمة البريدية للموقع:

alaqsa_newsletter-subscribe@yahoogroups.com  

عودة إلى صفحة النشرة الرئيسية