نشرة الأقصى الإلكترونية

الجامعة وشيوخ السلطان يدعون أهل فلسطين للدفاع عن الأقصى

تاريخ النشر 16/02/2007

د. عوض السليمان

سلطات الاحتلال تواصل هدم جزء من المسجد الأقصى المبارك

اطلعت على النداءات الموجهة للفلسطينيين للدفاع عن المسجد الأقصى، وقد ركز معظمها على مخاطبة الفلسطينيين، والطلب إليهم أن يتوجهوا إلى المسجد الأقصى فيدافعوا عنه بأجسادهم.

وقد صرخت بعض النداءات في وجه الفلسطينيين، أنْ تحملوا مسؤولياتكم في الدفاع عن ثالث الحرمين، ولا تقفوا مكتوفي الأيدي.

ربما أستطيع أن أتفهم الجانب الثوري في هذه النداءات والذي تحركه الغيرة على المسجد الأقصى، الذي خصه الله بأن جعله أولى القبلتين، وشرفه بأن ذكره في كتابه الحكيم.

لكنّ الذي لا أفهمه، أن كثيراً من النداءات السابق ذكرها توجهت للفلسطينيين حصراً، وكأن قدر هذا الشعب المجاهد أن يحمل لوحده شرف الدفاع عن هذه الأمة ومقدساتها، ومصيره أن يتعلم كيف يحمي مسجد المسلمين، كل المسلمين، بجسده، في الوقت الذي تتقلب فيه أجساد القادة العرب على الديباج والحرير وتتنعم بالحُلي والحُلل.

لا بد لأهل فلسطين، أن يرفعوا الرؤوس في زمن انحناء الرؤوس، ولا بد لهم أن يمسكوا على جمر الشرف، في الوقت الذي باع فيه غيرهم شرف الأمة بمنصب زائف وكرسي زائل.

أتساءل، أليس هؤلاء هم الفلسطينيون الذين تركهم إخوانهم يتحملون عبء الدفاع عن الأمة العربية والإسلامية كاملة. وبدأ التفريط بهم وبحقوقهم منذ أول معركة مع العدو، بل قبل حدوث أي مناوشة مع العدو؟. أو ليس هؤلاء هم الذين يعانون ما يعانون في المخيمات المزرية التي بنيت لهم في بلاد الأشقاء والإخوة؟.

أليس هم الذين يتفرج العرب على تهجيرهم وطردهم، بل وذبحهم في العراق الأسير، فما حرك القادة ساكناً وما اهتزت مشاعرهم لما حل بهم هناك.

اليوم نطالبهم بالتصدي لجرّافات العدو، والبارحة حاصرناهم وجوعناهم وتعاونا مع أعدائهم، وأدنّا عملياتهم الاستشهادية، ووصفناهم بالإرهاب وحذرنا منهم في كل مجلس.

ما ترك العدو يوماً إلا وارتكب فيه مجزرة ضد هذا الشعب المكافح، وهذه دماء بيت حانون لم تجف بعد، وصورة أحمد ياسين مازالت ماثلة في أذهان الأطفال قبل الشيوخ، ومن ينسى تسميم عرفات، واستشهاد عياش والشقاقي وغيرهم وغيرهم؟.هذه أجساد الفلسطينيين التي وقفت في وجه العدو، فأين أجسادنا نحن وماذا فعلنا لفلسطين أو للمسجد الأقصى، وهل اهتزت مشاعرنا لاحتلال الصومال أم لسقوط بغداد؟؟ وهل بكى العرب نساءَ بيت حانون أم أطفال دير ياسين وكفر قاسم؟

اليوم، على الفلسطينيين وحدهم، أن يقفوا أمام الآلة الصهيونية ليدافعوا عن شرف الأمة. أما الأمة فما عليها إلا أن تدس رأسها في التراب، أو على الأكثر، أن تشاهد ذلك على الشاشات، بجانب المدفأة وهي ترشف الشاي!!.

تمنيت لو وجهت تلك النداءات إلى حكام المسلمين، ليفتحوا الحدود أمام المتطوعين، وتساءلت عن النياشين والأوسمة التي يضعها وزراء دفاعنا على أكتافهم، تساءلت عن فائدتها، وكيف حصلوا عليها، أي حرب تلك التي قادوها وضد من حتى يُترِعوا أكتافهم بالنجوم الملونة. أهي حروب تحرير الأقصى؟، أم حروب الدفاع عن بغداد؟.

ليت أن النداءات خاطبت زعمائنا وذكرتهم بالأقصى فلعلهم نسوه في غمرة الحروب التي يخوضونها للحفاظ على الكرسي، وزيادة أموالهم في بنوك أمريكا والغرب. وليت أن النداءات نبهتهم، على أن جزءاً بسيطاً من الأسلحة التي اشتروها كافية لإسكات شعوبهم، ,وأن الجزء الآخر يكفي لقتال العدو مائة عام.

فحكامنا الأشاوس، لا يترددون لحظة في شراء الطائرات والصواريخ، ليقتلوا بها شعوبهم، وفي أحسن الأحوال ليوجهوها إلى الدول العربية المجاورة، فهم لا يتنازلون لبعضهم عن شبر من الأرض ولا حتى عن حجر، لكنهم يتنازلون عن تراب فلسطين، ومستعدون لبيع أي قطعة من الأرض مهما علت قدسيتها مقابل أن يحافظوا على أنظمتهم وقصورهم.

ولو ترك العرب فلسطين وشأنها، لكان خيراً لها ولأهلها، ولكن المصيبة أنهم يتآمرون على بيع ما تبقى من ترابها، في الوقت الذي لا تكف فيه وسائل إعلامهم عن ادعاء النضال والكفاح من أجل القدس. فقد أصبحت فلسطين مجرد غطاء لهم كي يستمروا على عروشهم، وليفرضوا الأحكام القمعية على شعوبهم.

المشكلة الأكبر لم تكن في نداءات الكتاب والمثقفين والجمعيات، بل كانت في نداءات بعض "الشيوخ" الذين ما ترددوا في الطلب لأبناء فلسطين بحماية المسجد الأقصى بأجسادهم وتساءلوا "أين الفلسطينيون، عليهم الدفاع عن الأقصى فهو أمانة في أعناقهم" . وهؤلاء الشيوخ، هم الذين يفترض فيهم أن يعرفوا أن هذا المسجد للمسلمين كلهم، والمسلمون كلهم مطالبون بالدفاع عنه بأجسادهم. وهؤلاء الشيوخ يعلمون علم اليقين، أن مشكلة فلسطين هي حكامنا وليست أهل فلسطين ومجاهديها. أفليس الأولى أن يطلب كل عالم دين من حاكم دولته وبالاسم، أن يجاهد بدمه وماله لإنقاذ المسجد الأقصى.

أليس الأولى مثلاُ أن يطالب الأزهر، سيادة الرئيس حسني مبارك بالتوجه بجيشه نحو المسجد الأقصى، خاصة وأن الرئيس أعلنها صراحة "إن مصر لن تقاتل من أجل غيرها". ولعل المسجد الأقصى وفلسطين يقع في دائرة" غيرها". هذا مثال فقط، ويجوز هنا التعميم على الدول العربية كافة دون استثناء. فالجامعة العربية المقدامة عقدت اجتماعاً على مستوى المندوبين(بسبب انشغال الحكام بقضايا مصيرية أخرى) لمناقشة الحفريات الصهيونية. وقد "اتهم" مسؤولو هذه الجامعة " إسرائيل بالإمعان في تغيير معالم وديموغرافيا القدس، وبانتهاك معاهدات جنيف ببناء معابد يهودية في القدس الشرقية " وبالتالي فيجب أن نقول لهذه الجامعة" جزاكم الله خيراً على هذه المعلومة العظيمة " فقد اكتشفنا أخيراً وبعد احتلال فلسطين بستين عاماً، أن العدو يغير الواقع الديموغرافي هناك، وكأن الصهاينة ما غيّروا ذلك الواقع في مصر وسورية والأردن والعراق والصومال، وكأنّ الصهاينة كانوا جزءاً لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني. أما الرهيب في تصريحات الجامعة، والذي يجب أن نصفق له بحرارة، أنها حذرت إسرائيل من مغبة الاستمرار في الحفريات، فقد" زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا أبشر بطول سلامة يا مربع". ودعت الجامعة العربية، دون خجل، مجلس الأمن للانعقاد، لإنقاذ المسجد الأقصى من حفريات الصهاينة. ربما أن الجامعة العربية حوّلت الموضوع إلى مجلس الأمن عملاً بالحيادية وميثاق الشرف، ولكي يسمع العالم في نيويورك الرأي والرأي الآخر على حد سواء، وربما فعلت ذلك كي تتأكد فيما إذا كان الصهاينة يهدمون باب المغاربة والمسجد الأقصى، أم يهدمون سوراً خشبياً وغرفتين خارج حائط البراق كما أخبرتهم "الجزيرة" شديدة الحيادية والنزاهة !!.

ربما يعذر كل من خص الفلسطينيين فقط، بندائه للدفاع عن المسجد الأقصى. أقول ربما يعذرون لأنهم يعلمون أن الشعب الفلسطيني لا يزال حياً وأنه لا يزال مستعداً لإضافة قوافل الشهداء كل يوم وكل ساعة. ويعذرون، ربما، لأنهم يعلمون حقيقة موت حكامنا، فلا فائدة من ندائهم وتحريضهم وقد ذهبت عزتهم وما بقي إلا أجسادهم وقد " أسمعت لو ناديت حياً ". " وما أنت بمسمع من في القبور".

 

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام


للحصول على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى التسجيل في القائمة البريدية للموقع:

alaqsa_newsletter-subscribe@yahoogroups.com  

عودة إلى صفحة النشرة الرئيسية