نشرة الأقصى الإلكترونية

وما زالت جريمة هدم جزء من الأقصى مستمرة

عبد الله معروف: رد الفعل يجب أن يتحول إلى عمل دائم ومتواصل لتحرير الأقصى

 

شبكة الإنترنت، الأربعاء 21-2-2007م - أكد الأستاذ عبد الله معروف الخبير المقدسي في علوم المسجد الأقصى المبارك أن ردة الفعل الإسلامية على جريمة هدم طريق باب المغاربة وغرفتين من المسجد الأقصى المبارك على يد سلطات الاحتلال الصهيوني يجب أن تتحول إلى فعل دائم ومتواصل ودءوب لتحرير الأقصى.

 واستنكر الأستاذ معروف -في حوار مع نشرة الأقصى الإلكترونية حول أبعاد هذه المأساة التي تتواصل لليوم الخامس عشر على التوالي- تصريحات بعض العلماء بأنهم لا يدرون ما يحدث في الأقصى، مشيرا إلى أن التعويل ليس إلا على الشعوب التي عليها أن تقف موقف حق وشرف وتحمل قادتها على وقوفه في وجه الغطرسة الصهيونية.

 نص الحوار ..

1- ما مدى خطورة ما يقوم به المحتلون الآن على المسجد الأقصى المبارك؟ وهل يوصف بأنه الأخطر منذ هدم حارة المغاربة عام 67، خاصة وانه لأول مرة يتم هدم جزء ملاصق تماما للمسجد الأقصى المبارك بهذا الحجم؟

خطورة ما يتم الآن في الأقصى المبارك تنبع من كونه تغييراً جذرياً لمعالم تلك المنطقة الأثرية الإسلامية، بالإضافة إلى أن الجزء الذي يهدم الآن عبارة عن قسم استنادي تقريباً حيث يستند عليه الجدار الغربي للأقصى، وإزالته قد تهدد المنطقة برمتها بسبب ضغط المياه الموجودة في الآبار الواقعة غربي المسجد الأقصى المبارك على السور إلى الخارج، وهنا أؤكد أنها قد تهدد السور الغربي بالانهيار، وليس هذا بالضرورة ما سيحدث، خاصة وأن الصهاينة يسعون لبناء جسر إسمنتي قد يعوض جزءاً ولو ضئيلاً من هذا الاستناد. ولكن، بالنسبة لي فإن هذا التطور لا يعتبر بالضرورة أخطر ما مر على هذه الناحية من المسجد الأقصى المبارك، وهذا لا يقلل من خطورته، ولا يصح في نظري تقسيم درجات خطورة مشاريع الاحتلال لأنها كلها خطرة على الأقصى المبارك ويمكن القول إن هذا المشروع بعد أن يتم سيكون له أثره الكبير على تغيير شكل المنطقة الغربية خارج الأقصى المبارك بشكل تام تقريباً.

2- هل تعتقد أن جريمة هدم طريق باب المغاربة المستمرة حتى اليوم تصب فعليا في مخطط تقسيم المسجد الأقصى المبارك الذي أشارت إليه مؤسسة القدس الدولية مؤخرا؟

هذا الطريق الذي تجري إزالته دعامة أساسية للجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك، وهنا مكمن التخوف من أن يؤثر هدمه على الجدار الغربي، ولا أستبعد قطعاً أن يكون المخطط الذي أشارت إليه مؤسسة القدس الدولية مخططاً قائماً بالفعل لدى بعض الساسة اليهود لأننا قد شهدنا في الماضي مثيلاً له في المسجد الإبراهيمي الشريف بالخليل عندما تم تقسيم المسجد بين اليهود والمسلمين ونخشى أن يحدث مثل ذلك في المسجد الأقصى المبارك مستقبلاً.

 

3- هل يمكن القول بأن هدم جزء ملاصق لجدار المسجد الأقصى يمثل هدما لجزء من المسجد؟ نرجو توضيح هذه النقطة، خاصة وأن حدود المسجد الأقصى المبارك وما يعتبر ومالا يعتبر جزءا منه قد تخفى على كثير من المسلمين.


المسجد الأقصى المبارك هو الساحة المسورة شبه المستطيلة الواقعة فوق هضبة موريا في الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة. فهو ليس مجرد بناء من الأبنية الموجودة في هذه الساحة، بل هو كل الساحة بأرضها وسمائها وبسورها. أما الجزء الذي يهدم، فيقع خارج المسجد الأقصى المبارك ولا يعتبر بالضرورة جزءاً داخلياً منه، ولكنه جزء متصل بالأقصى اتصالاً بنيوياً أصيلاً وهو بذلك يعد من ملحقات الأقصى المرتبطة به، مثله مثل أي طريق يوصل لأي من البوابات الخارجية، وبالتالي فالاعتداء عليه هو اعتداء مباشر على المسجد الأقصى المبارك لأنه من ملحقاته الهندسية الضرورية.

4- عند احتلال القدس عام 67، جرت جرائم عديدة بحق أهل المدينة، فما هي أبرزها؟ وكيف مرت تلك الأحداث على المسلمين في ذلك الوقت؟ وكيف تقارن ردة الفعل أمس باليوم؟


هدم المحتلون حارة المغاربة المقابلة للمسجد الأقصى المبارك من جهة الجنوب الغربي بالكامل وسويت بالأرض وأقيمت مكانها ساحة ما يسمى بالمبكى، والتي ألحقت بحائط البراق السليب. وبعد ذلك بحوالي عامين، تم أيضا هدم الزاوية الفخرية الملاصقة للمسجد الأقصى المبارك. وللأسف الشديد يؤلمني جداً أن أقول إن ردة فعل المسلمين في تلك الفترة لم تكن على مستوى الحدث بل لعلها كانت أضعف بكثير من ردة الفعل الحالية، ربما يعود ذلك إلى أن الشعوب العربية والإسلامية كانت مشغولة بصدمة نكسة عام 1967 التي كانت شديدة جداً مما أفقدها القدرة على رد الفعل، وأذكر هنا مقولة قرأتها لأحد الساسة الصهاينة حين قال: (أكبر خطأ وقعت فيه "إسرائيل" كان عندما لم تقتنص الفرصة وتهدم الأقصى وتبني المعبد مكانه يوم 7/6/1967م حين كان الوقت مناسباً، ولو فعلت ذلك لما وجدت من يقف في وجهها على الإطلاق). ولكني شخصياً أرفض رفضاً قاطعاً بقاء استجابات المسلمين لما يحدث في الأقصى دائماً في سياق رد الفعل، وإنما يجب الانتقال إلى الفعل فوراً بدلاً من تبديد الطاقات في ردود الأفعال التي سرعان ما تنتهي كما يقول الكثير من الكتاب اليهود أنفسهم..!!

 

5- ما هي القيمة التاريخية لطريق باب المغاربة؟ وهل سبق ترميمه؟ وهل هذه التبة التي يقوم عليها الطريق طبيعية أم أقامتها يد البشر؟

طريق باب المغاربة طريق قديم وهو على الأرجح من صنع البشر، ولكن تبليطه الحالي تم تجديده عدة مرات في العصور المختلفة وخاصة العصر الأيوبي والمملوكي على الأرجح، وتم تجديده الأخير على يد المجلس الإسلامي الأعلى خلال فترة الاحتلال البريطاني، وهذا يعطيه قيمة أثرية وتاريخية هامة جداً.

 

6- يجري الحديث عن غرفتين في الأقصى تهدمهما سلطات الاحتلال في سياق هدم طريق باب المغاربة؟ أين تقعان بالضبط؟

 قامت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية بنشر صور مؤخراً لهاتين الغرفتين، وهنا تقعان ملاصقتين تقريباً لسور المسجد الأقصى المبارك، وتعتبران جزءاً من الأجراء القليلة الباقية من الأوقاف التي كانت منتشرة هناك ضمن حارة المغاربة والزاوية الفخرية قديماً.

 

7- ذكرت مؤسسة الأقصى أن جزءا تهدم من طريق باب المغاربة عام 2004م بفعل الحفريات الصهيونية .. هلا زدتم هذه الحفريات إيضاحا.

 الواقع أن هذا الطريق قد تصدع وهدمت منه أجزاء عام 2004م بفعل الثلوج والأمطار والأحوال الجوية، وكان مما تسبب في توهين هذه الأجزاء التي هدمت في ذلك العام الحفريات الصهيونية المنتشرة في المنطقة ككل وخاصة في المنطقة الجنوبية الملاصقة للممر باتجاه الجنوب، وهذا الممر عبارة عن ممر صغير يصل بين الجهة الغربية للمسجد الأقصى المبارك وباقي القصور الأموية في الزاوية الجنوبية الغربية للأقصى والتي اصطلح الصهاينة على تسميتها (الحديقة الأثرية). وهذه القصور تم تدميرها للأسف.

وكانت إدارة الأوقاف الإسلامية قد سعت لترميم الجزء المتهدم من طريق باب المغاربة الأثري في ذلك الحين، غير أن سلطات الاحتلال التي تسيطر على باب المغاربة بالكامل وتمنع المسلمين من استخدامه منعت ذلك حتى تمهد لجريمة الهدم الجارية حاليا والتي ترقى لأن تكون مذبحة حضارية بحق الأقصى ومحيطه.

 

8- ماذا عن الممر الجديد الذي صنعه اليهود قبل عام تقريبا بديلا عن طريق باب المغاربة؟ هل تعتقد أنه مؤقت؟ وهل يمكن اعتباره ترميما لهذا الطريق، كما يدعي الاحتلال؟

لعلكم تقصدون الممر الخشبي: هذا الممر كانت سلطات الاحتلال قد وضعته هناك بشكل مؤقت ريثما يتم تغيير الوضع الدائم للمنطقة، وهذا الممر أثر بشكل كبير على المنطقة المخصصة للنساء في ساحة البراق (أو ما تسمى الآن ساحة المبكى)، وما يحدث الآن كما بلغني من مصادر عدة هو توسيع لساحة النساء ومنطقة الصلاة في حائط البراق باتجاه الجنوب لتصبح تقريباً موازية لساحة الرجال، ولذلك أرى أنه لا يمكن اعتبار ما يحدث الآن مجرد ترميم للطريق وإنما إعادة تشكيل لمعالمه.

 

9- لعلكم سمعتم عن مخططات لإقامة المعبد المزعوم في ساحة البراق، ضمن مساع لبنائه في مناطق ملاصقة للمسجد الأقصى المبارك بحيث تطغى عليه وخاصة على درته قبة الصخرة ... فهل تعتقد أن عملية الهدم الجارية الآن تتساوق مع هذه المخططات؟

هذا المخطط كان قد أعلن عنه في الصحف خلال التسعينات من القرن الماضي، ولكن لا أدري إن كان يمكن اعتبار ما يحدث الآن جزءاً من تنفيذ هذا المخطط، لأنه ببساطة كان مجرد اقتراح قدمه بعض المحللين والسياسيين اليهود كحل لقضية الأقصى والمعبد وليس قراراً، ولم يبلغنا أن هناك قراراً سياسياً لدى الدوائر السياسية الصهيونية المختلفة باعتماد ذلك الاقتراح، ولذلك أرى أنه ليس من الحكمة التكهن بهذا الأمر في الوقت الحالي، لأنه ببساطة ليس أمرا واقعا إلى الآن.

 

10- من بين المخاطر التي أشار إليها المحللون فيما يتعلق بعملية الهدم الجارية لطريق باب المغاربة أن تؤدي إلى كشف "بوابة البراق" السفلية المغلقة هل لك عن تحدثنا بتفصيل أكثر عن معالم هذه المنطقة المهمة من المسجد الأقصى المبارك؟

هذه البوابة هي بوابة أقدم من باب المغاربة الذي يستخدم حاليا، وتقع أسفله تقريبا، وكانت تسمى قديماً في الفترة الإسلامية المبكرة باسم (باب أم خالد)، هذه البوابة هي التي يسميها بعض المؤرخين اليوم باسم (باب البراق) على اعتبار أنها تؤدي مباشرة إلى مصلى البراق داخل المسجد الأقصى المبارك، وهذه البوابة تقع في مستوى الأرضية الأصلية للمسجد الأقصى تقريباً بعكس باب المغاربة الذي بني في موقع أعلى في فترات لاحقة، وذلك بعد بناء التسوية التي يقوم عليها الجزء الجنوبي من الأقصى حاليا، على الأرجح، وإن كنا لا نملك دليلاً واضحاً يحدد هذه الفترة للأسف. والبوابة اليوم مغلقة ويمكن مشاهدة آثارها من داخل مسجد البراق باتجاه الغرب، ونخشى أن يتم كشفها وادعاء أنها إحدى بوابات ما يسمى المعبد الثاني، حسبما زعم بعض المؤرخين الصهاينة.

 

11- تطالعنا مواقف أهل فلسطين وخاصة أهل القدس، وصمودهم حول الأقصى وقد خلوا من ظهير أو نصير، فتؤكد على أن الأمة لا زالت حية، فما هو الدور المنوط بالشعوب الإسلامية خارج فلسطين إزاء هذا التصعيد الصهيوني الخطير ؟

إن الدور المطلوب من الشعوب العربية والإسلامية خارج فلسطين كبير، ولعل من أهم جوانبه الجانب الإعلامي التعريفي بقضية المسجد الأقصى المبارك، وهذا مما يجب أن يتولاه علماء الأمة ومثقفوها، فعليهم أن يوضحوا للناس حقيقة هذه القضية ومدى ارتباطها بقضية الإسلام ككل، وهنا، أحب أن أشير إلى مواقف بعض العلماء التي ظهرت في وسائل الإعلام، حيث صعقنا حين وجدنا بعضهم لا يعلم أصلاً بما يحدث في المسجد الأقصى المبارك، بل إن بعضهم لا يعرف حدود المسجد الأقصى المبارك، وبدأ يصب انتقاده على المسلمين في القدس الذين لا يتحركون لحماية الأقصى ولا (يمنعون) الجرافات أو (يستشهدوا)...!! إننا نرى أن مثل هذه المواقف مما يظهر عدم اكتراث من بعض علماء أمتنا بما يحدث في الأقصى المبارك وأوضاع أهله المرابطين المصابرين..!!

إن مثل هذه المواقف تظهر أن قادة الأمة أضعف من أن يقفوا موقفاً مشرفاً تحتاجه منهم الأمة في مثل هذا الوقت العصيب!! والتعويل ليس إلا على الشعوب التي عليها أن تقف موقف حق وشرف وتحمل قادتها على وقوفه في وجه الغطرسة الصهيونية.

إن ما يحدث في الأقصى ليس سوى جرس إنذار لخطر وشيك.. لأن الخطر الحقيقي الذي يتهدد الأقصى المبارك كان قد وقع وانتهى الأمر منذ الاحتلال.. لأن الخطر الحقيقي هو الاحتلال الصهيوني على المسجد الأقصى المبارك.. فهل من معتبر يا أمة الإسلام؟؟!!!

 

12 – ختاما، نرجو منكم، في تقييم  سريع، أن تحدد أين تقف الآن مجموعة أخوات الأقصى التي تتشرف بإشرافكم العلمي عليها في ظل هذا الاعتداء على الأقصى المبارك، خاصة وأنها كانت قد وضعت نصب عينها هدفا ساميا وهو تحرير المسجد الأسير وإنهاء الاحتلال الذي هو أصل المصائب التي تمر بالمسجد المبارك؟


يكفي مجموعة أخوات من أجل الأقصى شرفاً أنها أصبحت الآن إحدى أهم المراجع والمصادر التي يثق المسلمون في معلوماتها ودقتها ونشاطها، وأرى أن نشاط الأخوات الكريمات في هذه المجموعة أصبح أوضح من أن أعلق عليه أو أعطيه حقه من الإشادة، ولكن هذا لا يعني بالتأكيد أن الطريق انتهى، وإنما هذا كله مجرد خطوة أخرى على طريق التحرير الطويل الصعب، والواجبات كثيرة وتحتاج المزيد من الهمة والعزيمة دائماً وباستمرار.
 

 

 

اعمال الهدم الصهيونية المستمرة لطريق باب المغاربة

 

متعلقات:

 هدم باب المغاربة وخطط تقسيم الأقصى- فلاش

 مهم للغايةجريمة حارة المغاربة مستمرة منذ أربعين عاماً... قصة هدم حارة المغاربة 

 


للحصول على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى التسجيل في القائمة البريدية للموقع:

alaqsa_newsletter-subscribe@yahoogroups.com  

عودة إلى صفحة النشرة الرئيسية