نشرة الأقصى الإلكترونية

تحقيق مصوّر لأخوات من أجل الأقصى

الأقصى .. يُهدم؟!

تاريخ النشر: 30-4-2008م

رحلة محفوفة بالمخاطر إلى حيث يجثم أسوأ احتلال استيطاني في التاريخ المعاصر منذ أكثر من أربعين عاما، ومع حلول الذكرى الستين لإعلان قيام دولة الاحتلال الصهيوني التي حملت اسم نبي الله "إسرائيل"، فوق الأرض المباركة، في تزوير علني للدين والتاريخ .. من المسجد الأقصى المبارك في البلدة القديمة بالقدس، كتبت أخوات من أجل الأقصى، والتقطت عدساتهن ..

 

باب الساهرة أحد الأبواب السبعة المفتوحة التي تقود إلى البلدة القديمة بالقدس، مدينة التراث الحضاري الإسلامي الممتد عبر القرون، والتي يسعى المحتلون لتهويدها

 

تزداد الغصة في القلب وتتحجر الدمعة في العين مع الاقتراب من مسرى الرسول عليه الصلاة والسلام، لما يعانيه في ظل الهجمة الشرسة من قبل الاحتلال الصهيوني، والتي تستهدف تثبيت أركانه في هذا المكان الطاهر، من خلال طمس معالم الحضارة العربية الإسلامية العريقة فيه، بل وتهويدها، عن طريق الحفريات المتتابعة التي تجريها دولة الاحتلال بوتيرة متسارعة خلال الأيام الأخيرة، وبشكل بات مقلقاً ومؤلماً أشدّ من ذي قبل.

 

قبة الصخرة الواقعة في قلب المسجد الأقصى المبارك الذي يعاني من حملة احتلالية متسارعة لتهويده

 

أول ما طالعنا فور دخول المسجد الأقصى المبارك، هذا الموضع الذي اختاره الله مكانا لعبادته منذ فجر التاريخ، كان مشهد تدنيس أقدام الصهاينة والسائحين لباحاته الطاهرة. وتوالت الصور المحزنة .. نساء شبه عاريات لا يرعين حرمة للبيت المقدس، وقطعان من اليهود المتطرفين، بقبعاتهم المميزة، يصحبهم راب /كاهن يواصل مسلسل التزوير المستمر للدين والتاريخ، مدعيا أن هذا المكان هو موضع للمعبد/ الهيكل اليهودي المزعوم، والذي يخططون لإعادة بنائه على حساب المسجد الأقصى لا سمح الله..

السياح والمتطرفون اليهود يجولون في الساحات الداخلية للمسجد الأقصى المبارك بلباس فاضح، وبرموز دينية مخالفة للإسلام، وسط دعاوى كاذبة تعتبر الأقصى موضع الهيكل/ المعبد اليهودي المزعوم.


فلم يعد اليهود -الذين يرفضون الاعتراف بعيسى ومحمد، عليهما الصلاة والسلام نبيين من أنبياء الله مثل النبي موسى عليه الصلاة والسلام- يكتفون بتحريف الدين الواحد الحق الذي جاء به كل الرسل الذين بعثهم الله إلى كل البشر، مدعين أنهم وحدهم "شعب الله المختار"، بل لقد تطاولوا على ثالث مقدسات المسلمين، ورمز وحدة الأصل التوحيدي الإبراهيمي، المسجد الأقصى المبارك، وبدءوا بالفعل في هدمه!!

 

رغم مظاهر الانبهار البادية بهذا المكان وتراثه، تواصل يد التخريب الصهيونية، بدعم غربي، حفرياتها الهدامة في محيطه القريب والبعيد، مما يهدّده بخطر الزوال!

 

عمليات اقتحام وتدنيس مستمرة للأقصى، تحت حراب المحتل، وفي تدخل سافر في الشئون الداخلية للمسجد المبارك والتي تشرف عليها دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس

 

التعرجات في باحات الأقصى تزداد، والفراغات بين البلاطات باتت واضحةً، ولو نظرنا من بين تلك الفراغات لأسفل، لرأينا كيف أن الأتربة تحت هذه الباحات باتت مفرغة تماماً في جزء كبير منها، وإلى منطقة قريبة جداً من قبة الصخرة المشرفة القائمة في قلب المسجد الأسير.

 

انهيار في ساحات الأقصى أثناء تنظيفها يوم الجمعة 15-2-2008م

 

والسبب هو .. أعمال الحفر والهدم التي تجري بمسمى "حفريات أثرية" في المحيط القريب والبعيد للمسجد الأقصى، تحت سمع وبصر العالم أجمع، والعالم الإسلامي بوجه أخص!

 

الحفريات الأثرية المزعومة حول الأقصى خطوات متدرجة باتت متسارعة لهدمه

 

فسلطات الاحتلال الصهيونية، ومنذ احتلالها لشرقي القدس عام 1967م، تجري سلسلة من الحفريات، وتشق مجموعة من الأنفاق في محيط الأقصى، مدعية تارة أنها حفريات أثرية، وتارة أخرى أنها أنفاق مكتشفة، بينما هي في الحقيقة تهدم، وبالتدريج، أساسات البيت المقدس الذي يمتد على مساحة 144 ألف متر مربع، فوق جبل موريا بالقدس، والذي يحيطه سور عتيق يحدّد موضعه منذ بني كثاني مسجد في الأرض، بعد 40 عاما من المسجد الحرام بمكة المكرمة.  

نذير الكارثة انطلق منذ فترة، فقد انهار مؤخرا جزء من أرضية المسجد الأقصى وتحديدا في المنطقة الواقعة بين بابي المطهرة والسلسلة، واللذين يقعان في السور الغربي للمسجد، بفعل هذه الفراغات الناجمة عن الحفريات التي تتركز خارج هذا السور.  

واليوم الأحد الموافق 27-04-2008، شاهدنا بأم أعيننا الحفريات في بيت المقدس وأكنافه، واستطعنا الوصول إلى مكان أمكننا من خلاله التقاط صور لآخر ما وصلت إليه هذه المعاول الهدّامة، خاصة في منطقة المغاربة الملاصقة لحائط البراق، الذي هو جزء من السور الغربي للأقصى، والذي استولى عليه الصهاينة بالكامل وحوّلوه إلى حائط "مبكى" منذ بدء الاحتلال عام 1967. هذا الحائط بات، بدوره، يبكي المحاجر ويدمي الفؤاد..

 

حائط البراق المحتل بالكامل صهيونياً منذ 40 عاما، والذي يمنع دخول أي مسلم إليه..

تواصل هذه الحفريات يترافق مع تسارع مخطط بناء كنيس يهودي ملاصق لحائط البراق، من الخارج، وهو الكنيس الذي يأملون في ربطه، من خلال الأنفاق الممتدة والمتجهة نحو المسجد الأقصى المبارك، بهذا الموضع المقدس.

موضع الحفريات عند باب المغاربة وبداية الأنفاق التي تمتد إلى ما تحت الأقصى.

 

كانت الحرب على السور الغربي للأقصى قد تصاعدت بلا هوادة منذ 12 عاما؛ فقد شهد عام 1996 افتتاح الصهاينة لنفق غربي ملاصق لسور الأقصى من الخارج، أصبح الآن يمتد بمحاذاة السور لمسافة تقارب 400 مترا، ويضمّ كنسا، ومتاحف تهدف لإحكام حلقات التزوير المتلاحقة التي تكاد تخنق الأقصى ومحبيه ..

 

في مكان ما وسط هذه المنشآت اليهودية الواقعة في ساحة البراق المحتل، يقع مدخل النفق الغربي الذي افتتحه الصهاينة عام 1996 بطول الجدار الغربي للأقصى

 

مظاهر التهويد والتزوير في محيط الأقصى أصبحت بادية فوق الأرض كذلك، فقد تعددت مشاهد الأعلام والرايات الصهيونية الموضوعة فوق مبانٍ ملاصقة للجدار الغربي للمسجد الأقصى تماما، بما يشي بمساعيهم الأثيمة في إفراغ البلدة القديمة من أهلها، وحرمان الأقصى من تواصل أبنائه، أصحاب الحضارة العربية والإسلامية العريقة. فبالإضافة إلى الحفريات الجارية تحت الأرض، والتي أدت إلى تصديع كثير من منازل المقدسيين حول الأقصى، امتدت المحتلين الغاصبين لمصادرة بعض هذه المنازل وإقامة بؤر استيطانية يهودية فيها، خاصة منها ما يقع في الحي الإسلامي الذي يحمي الأقصى من جهتيه الشمالية والغربية تحديدا.

انتشار البؤر اليهودية الاستيطانية حول الأقصى ينذر بقطع التواصل بينه وبين محيطه العربي والإسلامي

 

فصول المأساة تتكامل بمتابعة ما يجرى لباب المغاربة أحد أهم الأبواب الغربية للمسجد الأقصى المبارك، والطريق الصاعدة التي تقود إليه .. فهذه الطريق التي تعد آخر ما تبقى من حارة المغاربة المجاورة للأقصى –والتي هدمها الاحتلال منذ عام 1967م-، والتي تلاصق السور الغربي للمسجد المبارك مباشرة، يدمّرها المحتلون تدريجيا، منذ 6-2-2006م. وبسبب الجريمة المتواصلة تحت سمع وبصر الجميع، لم يعد يتبق من هذا الجزء الداعم للأقصى سوى أطلال!

طريق باب المغاربة الأثري أصبح أطلالا بعد أن طالته يد التخريب الصهيونية  

 

  ستارة زرقاء تحجب الرؤية عما يجري لطريق باب المغاربة للناظرين من باب المغاربة (الذي يبدو بلون أخضر في الصورة وأمامه الجسر الخشبي البديل الذي يدخل منه السائحون والمتطرفون إلى الأقصى الأن)

 

دخولنا إلى منطقة باب المغاربة يمثّل خطرا علينا، حسب أقاويل الصهاينة، لأنه مكان يتم "الترميم" به وآيل للسقوط.. ولكن الحقيقة أنه مكان يتم "تدميره"!  

ورغم أقاويلهم تلك، فهم يعتبرونه آمنا على اليهود والسائحين..!!! فهؤلاء بالطبع يستخدمون الجسر الخشبي الذي وضع للتمويه على ما يجري في طريق باب المغاربة الأثرية، لإدخال اليهود المتطرفين والسائحين غير المحتشمين إلى باحات المسجد الأقصى، عبر باب المغاربة -الذي تمت السيطرة عليه بالكامل أيضا منذ عام 1967-، في تجاوز لصلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية في المسجد المبارك ..

أعمال الحفر وشق الأنفاق حول الأقصى، وربما تحته، تطورت مؤخرا لتتحول إلى أعمال تفريغ أيضا! فقد التقطت الكاميرات منذ فترة صورا لكميات هائلة من الأتربة يخرجها الصهاينة بواسطة أكياس من مواقع هذه الحفريات الأنفاق التي تتركز في الجهتين الشمالية والغربية للأقصى، وذلك بهدف تفريغ أساسات المسجد المبارك، وإضعاف بنيته، حتى يسهل تفككه بفعل أية زلازل أو هزات طبيعية أو مفتعلة، لا سمح الله!

حسب شهادات السكان المقدسيين، كل يوم يجري إخراج أكياس تمتلئ بأطنان الأتربة من تحت الأقصى عبر الأنفاق والحفريات المحيطة به..

 

لا شك أن المؤامرة على الأقصى خطيرة، ورغم أن ما يبدو منها لا يعدو أن يكون احتلالا وآلته الحربية، إلا أن وراءها الباطل وجنوده. ومن أخطر أدواته الدعاوى العريضة التي تنكر على الإسلام، هذا الدين الحق الذي حمله كل الأنبياء من لدن آدم حتى محمد عليهم الصلاة والسلام والذي يمثل الأقصى أحد أبرز معالمه الحضارية، جذوره الأصيلة الممتدة في الزمان والمكان.

  كان لا بد من المخاطرة، من أجل أقدس مكان يدنس، وأقدس بيت للمسلمين تنتهك حرمته، من أجل نقل الحقيقة، ومتابعة الصرخة، ربما تصل إلى حيث يجب أن تصل.. ويفهم الجميع معنى أن يكون "الأقصى في خطر" .. ومعنى أن تتحوّل تلك الصيحة إلى "الأقصى .. يُهدم"..

ونشكر كل من خاطر بنفسه وساعدنا على الوصول إلى حيث أمكن التقاط هذه الصور.. نشكرهم لأنه منحونا ما حاول الصهاينة والجنود منعنا من أن نفعله.. نشكرهم من أعماق قلوبنا لأنهم خاطروا بأنفسهم وببيوتهم وعائلاتهم من أجل قضية الأقصى ونصرته

ورغم كل المعاناة ورغم كل الصعوبات والمضايقات إلا أننا نجحنا في نقل هذه الأمانة والرسالة، ونقسم على أن نتابع المسيرة مهما كانت النتيجة.. ومن الله التوفيق.. ولكم الصور ولكم الحكم..

 


للحصول على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى التسجيل في القائمة البريدية للموقع:

alaqsa_newsletter-subscribe@yahoogroups.com  

عودة إلى صفحة النشرة الرئيسية