نشرة الأقصى الإلكترونية

لبيــك يـــا أقـــصى (3)


الشيخ رائد صلاح

تاريخ النشر:9/3/2007م

 

 

1- متابعة لمقالتي الأولى، لا زلت أؤكد أنه علينا أن ندرك دائما أن مصدر الخطر الأساس على المسجد الأقصى هو المؤسسة “الإسرائيلية"، وان كنا لا نسقط من حساباتنا خطورة عشرات الجمعيات اليهودية المتطرفة التي باتت تواصل مخططاتها المحمومة بهدف تهويد القدس الشريف وتدمير المسجد الأقصى تدريجيا ، ولأن الأمر كذلك لا أبوح بسر إذا قلت لكم إننا حرصنا منذ سنوات على رصد متواصل لتحركات هذه الجمعيات اليهودية المتطرفة في القدس الشريف عامة، وفي المسجد الأقصى خاصة، وفق ما نملك من إمكانيات، ولا زلنا نواصل هذا الرصد، ولا زلنا نملك ما نقوله ولم نقله حتى الآن، ولا زلنا نملك ما نكشفه ولم نكشفه حتى الآن، إلا أنني سلفا أقول لن نخفي شيئا، وسنبوح بكل ما نملك في الوقت المناسب والظرف المناسب والمكان المناسب، وأؤكد أننا خلال هذه البرهة الماضية من الزمن جمعنا الشيء الكثير من الوثائق الرسمية والمعلومات الميدانية وهي في طريقها للكشف عنها.

2- ولذلك فقد اجتمع لدينا قبيل يوم الخميس الموافق 1/2/2007م وثائق تؤكد أن في نية المؤسسة “الإسرائيلية" مباشرة تدمير جزء من الأقصى المبارك، وهو طريق المغاربة، ووفق تلك الوثائق كنا نعلم أن المؤسسة “الإسرائيلية" ستباشر تنفيذ جريمة هدم هذا الجزء من الأقصى يوم الأحد الموافق 4/2/2007م، وأنها قد أعدت الجرافات والحفارات والشاحنات سلفا، وأنها تنوي تدمير غرفتين من المسجد الأقصى تقعان في حائط البراق بعد أن تستكمل تدمير طريق المغاربة، ونتيجة لذلك سينكشف مسجد البراق الذي هو جزء من أبنية الأقصى التي تقع تحت الأرض، وأن المؤسسة “الإسرائيلية" تنوي تحويله إلى كنيس يهودي، ثم إنها تنوي بعد ذلك إقامة جسر متين يقوم على أعمدة عملاقة سيقوم على اثر تدمير طريق المغاربة، وسيكون بمقدور المؤسسة “الإسرائيلية" أن تدخل بواسطة هذا الجسر ثلاثمائة جندي "إسرائيلي" دفعة واحدة إلى داخل المسجد الأقصى كلما حدثتها نفسها بذلك ، وسيكون بمقدور المؤسسة “الإسرائيلية" أن تدخل بواسطة هذا الجسر سيارات عسكرية وجرافات وحفارات وشاحنات إلى المسجد الأقصى، وهذا يعني أن المؤسسة “الإسرائيلية" لم تخطط بناء هذا الجسر المتين بهذه المواصفات، من أجل مرور المشاة فقط، بل إن هناك مخططاً إرهابيا كبيراً يستهدف المسجد الأقصى مباشرة من الداخل، ولا زلنا نجهل بعض تفصيلات هذا المخطط الإرهابي، وستكشف لنا قادمات الأيام عن حقيقة هذا المخطط الإرهابي، وبناء على هذه الوثائق علمنا أن تدمير طريق المغاربة الذي هو جزء من المسجد الأقصى سيؤدي إلى تدمير ما يحفظ هذا الطريق تحته من كنوز حضارية أثرية إسلامية عربية تعود إلى عهود الأمويين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين، وسيؤدي بشكل خاص إلى تدمير المدرسة الأفضلية والمسجد المرفق بها والتي بناها وبنى مسجدها الملك الأفضل علي بن صلاح الدين الأيوبي، كل ذلك عرفناه، ولذلك فقد رأينا من الواجب أن نتحرك فورا.
3- وكانت أولى خطواتنا يوم الخميس الموافق 1/2/2007م حيث قمنا في هذا اليوم بجولة إعلامية بدأت من سوق القطانين المجاور لباب القطانين، أحد أبواب المسجد الأقصى- ومن هناك اتجهنا إلى حارة الواد القريبة جدا من الجدار الغربي للمسجد الأقصى، ثم اتجهنا إلى طريق المغاربة المنوي تدميرها من قبل المؤسسة “الإسرائيلية"، وهناك شاهدنا وشاهدت كل وسائل الإعلام أن المؤسسة “الإسرائيلية" بدأت بحفر الأعمدة العملاقة التي سيقوم عليها الجسر المتين بعد تدمير طريق المغاربة، ثم أكملنا بقية جولتنا الإعلامية نحو حارة سلوان التي تقع جنوب المسجد الأقصى، وهناك شاهدنا وشاهدت كل وسائل الإعلام بدايات النفق الذي بدأت تحفره المؤسسة “الإسرائيلية" من منطقة عين -سلوان باتجاه المسجد الأقصى بهدف ربط هذا النفق مع شبكات الأنفاق التي تقع تحت المسجد الأقصى، وشاهد جميع الحضور كيف أن هذا النفق قد سار من تحت مسجد عين سلوان، لدرجة أن هذا المسجد قد أصبح شبه معلق بالهواء وان التصدعات الخطيرة قد نخرت فيه حتى النخاع ، كل ذلك شاهدناه مع التأكيد أننا خلال هذه الجولة الإعلامية قد كشفنا عن كل هذه الوثائق لوسائل الإعلام وشرحنا لهم عن مضامين هذه الوثائق المدمرة ووزعنا عليهم نسخا من بعض هذه الوثائق، وأكدنا خلال كل هذه الجولة الإعلامية أننا نرفع صوتنا محذرين كل حاضرنا الإسلامي والعربي والفلسطيني، ومنذرين الجميع أن هذه الجريمة المدمرة ستباشر المؤسسة “الإسرائيلية" تنفيذها يوم الأحد المقبل الموافق 4/2/2007م، ولذلك فإن على الجميع أن يتحمل مسؤوليته اتجاه ما سيحدث، وعلى الجميع أن يسعى إلى وقف هذه الجريمة “الإسرائيلية" قبل أن تبدأ.
4- وبعد أن انتهت هذه الجولة الإعلامية رأينا من الواجب نحن في الحركة الإسلامية أن نعلن عن يوم نفير إلى المسجد الأقصى يوم الأحد الموافق 4/2/2007م وان نواصل رصد طريق المغاربة ليلا ونهاراً، وكان ما قررناه بالضبط حيث تواصل الرصد ليلا ونهارا، وكنا على علم أن الجرافات والحفارات كانت على أهبة الاستعداد للمباشرة بتنفيذ الجريمة ليلة الأحد، وكنا على علم أن طقس تلك الليلة كان بقدر الله تعالى طقسا عاصفا وماطرا، وان من المتوقع تأجيل الشروع بتنفيذ جريمة هدم طريق المغاربة، ومع ذلك أبقينا على يوم النفير، وسافرنا صباح يوم الأحد الموافق 4/2/2007م، إلى المسجد الأقصى ونحن على علم يقيني أن الجرافات والحفارات لم تتحرك وبقيت ثابتة في مكانها ، ولما وصلنا إلى المسجد الأقصى وجدناه محاصرا من كل الجهات بقوات وحواجز الاحتلال "الإسرائيلي"، وعند الحواجز قلنا لكل وسائل الإعلام أن جريمة الهدم لم تقع اليوم ليس لأن المؤسسة “الإسرائيلية" قد ألغتها ، بل إن المؤسسة “الإسرائيلية" أجلت بداية تنفيذ جريمة الهدم بسبب طبيعة الطقس التي شاء الله تعالى أن يكون عاصفا وماطرا ومن المتوقع أن تبدأ جريمة الهدم في كل لحظة ، وقد تكون غدا أو بعد غد أو بعد أيام.
5- وانتهى يوم الأحد وواصلنا عملية الرصد ليلا ونهارا ونحن في حالة تأهب لشد الرحال إلى المسجد الأقصى فورا، ومضى يوم الاثنين الموافق 5/2/2007م وكنا نعلم أن الجرافات والحفارات لم تتحرك من مكانها، ثم كان صباح يوم الثلاثاء الموافق 6/2/2007م، حيث علمنا أن الجرافات قد توجهت تمام الساعة الرابعة صباحا إلى طريق المغاربة وبدأت بتنفيذ جريمة الهدم ، ولذلك فقد اندفعنا فورا نحو المسجد الأقصى المبارك ، ولما وصلنا إلى هناك وجدنا أن المسجد الأقصى كان محاصرا من كل الجهات، إلا أننا لم نأبه لتلك الحواجز الاحتلالية ولا لمن وقف خلفها من قوات الاحتلال، بل توجهنا مباشرة إلى باب المغاربة حيث وجدنا حشود جنود الاحتلال "الإسرائيلي" تصطف طوابير قبيل الباب وبعده، ومع ذلك أكملنا سيرنا ، فهرع يجري خلفنا مجموعة من جنود الاحتلال صارخين فينا : قفوا ... قفوا...ثم وقفوا في وجوهنا جدارا سميكا من الجنود ومعهم الهراوات والبنادق، وعندها لم نستطع أن نتقدم خطوة أخرى نحو الأمام، وبذلك لم نستطع أن نعاين موقع جريمة الهدم.
6- إلا أننا لم نتراجع خطوة واحدة إلى الوراء بل بقيت وجوهنا وأجسادنا تلامس وجوه وأجساد جنود الاحتلال، ولم تمض سوى دقائق معدودات حتى تقاطرت علينا كل وسائل الإعلام من كل الأرض بشتى اللغات، ولا أبالغ إذا قلت أننا لم نتوقف لحظة واحدة عن الكلام، فكان هناك مقابلات مباشرة مع بعض الفضائيات، وكان هناك مقابلات مباشرة مع بعض الإذاعات والصحف ، وكان هناك مقابلات عبر أكثر من هاتف خلوي مع الكثير من الفضائيات والإذاعات والصحف، لدرجة أن أحد جنود الاحتلال "الإسرائيلي" اخذ يلعن مخترع الهاتف الخلوي، وقد اجتهدنا خلال كل هذه المقابلات المتزاحمة والمتواصلة بلا توقف أن نحدث أهل الأرض وخاصة الحاضر الإسلامي والعربي والفلسطيني عن حقيقة جريمة الهدم التي بدأت المؤسسة “الإسرائيلية" تنفيذها هذا اليوم، وهنا أؤكد أن الأمور لم تمض هينة سهلة بل إن الأجواء بين الحين والآخر كانت تتوتر بيننا وبين قوات الاحتلال "الإسرائيلي"، بسبب سلوكياتهم الاستفزازية أو بسبب بعض الألفاظ الوقحة التي تلفظ بها بعضهم، أو بسبب محاولة بعضهم الغبية جدا لدفعنا بقوة وإخراجنا باتجاه حارة سلوان ، إلا أن كل هذه التصرفات الصبيانية التي صدرت منهم لم تنل منا -رغم قلة عددنا- قيد أنملة ، وكنا نوصي بعضنا مرددين: الثبات ... الثبات ...
7- ولقد بلغ الأمر بتصرفات جنود الاحتلال "الإسرائيلي" الصبيانية أن تقدم أحدهم مني وألصق جسده بجسدي، وكاد أن يلصق انفه بأنفي وأخذ يدخن وينفث دخان سيجارته في وجهي، وهو يقهقه بسخرية، إلا أنني لم اكترث به بل واصلت الرد على أسئلة الإعلاميين، وظل ذاك الجندي بذاك السلوك الوقح وضاعف من ذاك السلوك، حتى صاح في وجهه بعض الحضور صارخين: ابتعد من هنا وتوقف عن هذه الوقاحة، فتكهربت الأجواء ووقعت مدافعة بيننا وبين تلك القوات من جنود الاحتلال ثم انتهت بعد دقائق.
8- كما وبلغ الأمر بتصرفات جنود الاحتلال "الإسرائيلي" الصبيانية أن بدأ أحدهم بفتل عضلته أمامنا واخذ يردد: الويل لكم ... الويل لكم ... لقد بدأت أغلي في داخلي، ثم واصل تهديده بأسلوب بائس ووقح، فصرخت فيه وقلت له : ألا تكف عن هذا السلوك الصبياني ... اطمئن أنت لا تخيف أحدا منا ؟! ثم من تظن نفسك؟! فأجابني فورا وقال لي : وأنت من تظن نفسك ؟! فقلت له : أنا صاحب الحق أما أنت فمحتل في هذا المكان ... ولتعلم أنك تكاد ألا تُرى... وأنا أؤكد لك أنني أراك بصعوبة فألزم حدودك ... عندها صمت حيث أخرسه الحق.
9- كما وبلغ الأمر بتصرفات جنود الاحتلال "الإسرائيلي" الصبيانية، أنني خلال تواجدي هناك احتجت مضطرا أن أتوجه إلى المرحاض كي أتوضأ استعدادا للصلاة ، فلما توجهت إلى المرحاض وإذ بكتيبة من أولئك الجنود قد لحقوا بي وساروا خلفي، ولما دخلت المرحاض وقفوا على بعد أمتار، وظلوا متسمرين في مكانهم حتى خرجت من المرحاض، وتوضأت ثم عدت إلى مكاني فساروا خلفي وعادوا إلى قواعدهم الاحتلالية، وعندها قهقهة الكثير من لحضور من سفاهة تلك الكتيبة من الجنود لدرجة أن أحد أهلنا قال لي متندرا: أنت محظوظ ... فانك تحظى بحراسة لم يحظ بها جورج بوش ... فها أنت تقضي حاجتك في المرحاض مع حراسة مشددة!!.
10- وهذه بعض مشاهد بائسة صدرت من جنود لاحتلال "الإسرائيلي"، ومع ذلك بقينا صامدين ثابتين ، وواصلنا مخاطبة أهل الأرض من تلك البقعة المباركة ، وخلال تلك الساعات من الصبر والصمود والثبات أدينا صلاة الظهر والعصر ثم أدينا صلاة المغرب والعشاء تحت حراب وأسلحة جنود الاحتلال "الإسرائيلي"، وخلال تلك الساعات أغاثنا أهلنا من مقدسيي حارة سلوان بالقهوة والشاي والطعام بلا توقف، ولن أنسى مشهد تلك المرأة الصالحة التي اقتربت منا بعد أن أدينا صلاة المغرب والعشاء ، ثم قالت لنا على استحياء ممزوج بالشموخ: يا أخي جزاكم الله خيرا ... يا أخي الله ينصركم ... انتظروا قليلا حتى أعد لكم وجبة العشاء !! إلا أنني شكرتها متلعثما ، لأن موقفها كان اكبر من كل الكلمات ثم رجوتها ألا تصنع لنا عشاء لأننا قد أكلنا قبل قليل.
11- وخلال تلك الساعات اتصل بي الوزير غالب مجادلة وطلب مني أن أصف له ماذا يجري في تلك الساعات ، فأكدت له أن هناك جريمة هدم لا تزال تقوم بها المؤسسة “الإسرائيلية" منذ ساعات الفجر حتى تلك اللحظات ، فوعد أنه سيقوم بالضغط على كل المسؤولين "الإسرائيليين" حتى يوقف تلك الجريمة ، وأكد لي أنه سيواصل جهوده دون توقف وسيخبرني بعد ساعات بخبر وقف جريمة الهدم ، فأخبرته أننا لسنا هواة اعتصامات ولا مصادمات وأننا أصحاب حق وان من واجبنا السعي لإيقاف هذه الجريمة “الإسرائيلية"!! ثم مضت ساعات ولم أتلق من طرفه أي اتصال هاتفي، وبقيت أنا وجميع الأهل مرابطين لا نتزحزح، إلا أن المطر أخذ يتساقط علينا في الساعات الأولى من الليل، فطلبت من جميع الأهل أن يعودوا إلى بيوتهم، وأكدت لهم أنني سأعود في الصباح الباكر إلى هذا المكان.
12- ثم ركبت السيارة وعدت مع بعض الأخوة إلى مدينتنا أم الفحم، وخلال الطريق اتصل بي الوزير غالب مجادلة مرة ثانية، وأكد لي انه قد نجح بوقف جريمة الهدم، وأكد لي أن الجرافات ستنسحب منذ تلك الليلة من طريق المغاربة، وان هناك قرارا حكومياً رسميا سيُعلَن عنه بعد يومين ينص على وقف جريمة الهدم فورا!! وأصدقكم القول أنني تلقيت هذا الخبر بحذر شديد وتكتمت عليه ولم أعقب إطلاقا.
13- ولما وصلت إلى مدينتنا أم الفحم كان هناك اجتماع طارئ للحركة الإسلامية، وخلال ذاك الاجتماع شرحت لهم ماذا جرى في ذاك اليوم، وشرحت لهم بالتفصيل حيثيات مكالمات الوزير غالب مجادلة، وبينت لهم أننا قد أرسلنا في ذاك اليوم رسالة مستعجلة إلى لجنة المتابعة نطالب فيها بعقد جلسة طارئة فورا للبحث في جريمة الهدم “الإسرائيلية" ثم جرى نقاش طويل بيننا اتفقنا في ختامه أن نشد الرحال غدا إلى المسجد الأقصى منذ الصباح الباكر وان نواصل رصد طريق المغاربة ليلا ، وان نواصل متابعة آخر المستجدات بالتفصيل.
14- ومنذ ساعات الصباح الباكر في يوم الأربعاء، وخلال سفرنا أبلغنا من قام بعملية الرصد أن المؤسسة “الإسرائيلية"لم توقف جريمة الهدم، بل على العكس فقد أتت بجرافات أخرى وواصلت التدمير بأقصى سرعة، فحفزنا هذا الخبر المؤلم أن نسرع في سفرنا إلى أن وصلنا إلى المسجد الأقصى المبارك، وكالعادة فقد وجدنا أن المسجد محاصر من كل الجهات بالحواجز العسكرية وقوات الاحتلال "الإسرائيلي"، ومع ذلك تخطينا كل هذه الحواجز ، ولما وصلنا إلى باب المغاربة الخارجي الذي هو جزء من سور القدس القديمة، تبين لنا أنهم قد حشدوا قوات احتلال "إسرائيلية" أضعاف ما كان عليه الحال بالأمس.
15- لذلك فقد وقفنا معتصمين بقرب باب المغاربة الخارجي، وأخذ عددنا يزداد شيئا فشيئا، وكذلك أخذت وسائل الإعلام تتقاطر مرة أخرى واخذ عددها يزداد كذلك، وبعد مضي ساعة ونيف، حاول بعضنا أن يدخل من باب المغاربة الخارجي وفجأة وإذ بزحوف من قوات الاحتلال "الإسرائيلي" تنقض علينا بالضرب الممزوج ببعض الألفاظ الوقحة التي اخذ يتفوه بها بعضهم، وأمام ذاك المشهد الاحتلالي المدمر والذي جسد مشهد الجريمة “الإسرائيلية" التي واصلت لليوم الثاني هدم جزء من الأقصى المبارك وهو طريق المغاربة ، أمام ذاك المشهد وقفت منفعلا واستنكرت مشهد تلك الجريمة، وأمام ذاك المشهد الذي ضاعف من بؤسه وقسوته الهجمة البشعة التي شنها جنود الاحتلال "الإسرائيلي" علينا، أمام ذاك المشهد وقفت وصرخت في وجه هذا الظلم الأسود: انتم قتلة ... أنتم هَدّامون ... أنتم مغتصبون .
16- وبعد أن نلنا أنا والعديد من الأهل من الاعتداء علينا من قبل قوات الاحتلال "الإسرائيلي" وجدت نفسي معتقلا مع مجموعة من الأهل، ومن هناك من باب المغاربة تم نقلنا إلى محطة الشرطة في المسكوبية، وبقينا هناك طوال ساعات النهار، وخلال تلك الساعات أجروا تحقيقا معنا، ثم عرضوا علينا أن يتم إطلاق سراحنا دون المثول أمام المحكمة بشرط أن نوافق على عدم دخول المسجد الأقصى لمدة عشرة أيام فرفضنا ذلك بإصرار !! عندها قالوا لنا: إذن ستمثلون أمام القاضي في المحكمة، فقلنا لهم بلا تلعثم وبكل اطمئنان: ليكن.
17- وقبيل أن يقتادوني إلى المحكمة حضر وزارنا الأستاذ محمد بركة أبو السعيد ثم بعد أن انتهت الزيارة تم نقلي إلى المحكمة، ثم بدأت جلسة المحاكمة، فقالت النيابة ما عندها وقال محامي الدفاع ما عنده، ثم أخذ القاضي يعلن عن حكمه الذي لم يكن مكتوبا فقط بل كان مطبوعا، ولذلك خلال قراءته للحكم لم أتمالك نفسي فانفجرت ضاحكا لا املك أن اكبت نفسي، وبطبيعة الحال فقد قضى القاضي بمنعي من الاقتراب من أسوار القدس القديمة على بعد مائة وخمسين مترا لمدة عشرة أيام وأضاف بعض الشروط الأخرى.
18- فخرجت من المحكمة وتوجهت فورا إلى مدينتنا أم الفحم وهناك كان لنا اجتماع طارئ تدارسنا خلاله أحداث ذاك اليوم وتبعات الاعتقال والإبعاد، ثم اتفقنا على ضرورة مواصلة شد الرحال منذ الصباح الباكر، واتفقنا على تنظيم مظاهرة حاشدة جدا يوم الجمعة الموافق 9/2/2007م بعد صلاة العصر مباشرة في مدينة الناصرة وهذا ما كان ...
- يتبع ...

 

  المصدر: فلسطينيو 48

 

لبيك يا أقصى - رائد صلاح

1 3 4 5 6

7-8-9-10


للحصول على نشرة الأقصى الإلكترونية، يرجى التسجيل في القائمة البريدية للموقع:

alaqsa_newsletter-subscribe@yahoogroups.com  

عودة إلى صفحة النشرة الرئيسية