رسالة
أسبوع على اعتقال الأم سحر النتشة.. عائلتها: نفتقد الكثير
- التفاصيل
- المجموعة الأم: النشرة
- نشر بتاريخ الاثنين, 28 آذار/مارس 2016 06:13
- الزيارات: 2537
بقلم: ريم الهندي - كيوبرس
نشر بتاريخ: الأحد 27-3-2016م
سبعة أيام مضت وكأنها سبع سنوات عجاف، لم يُسمع لها صوتٌ كما كان في كل صباح، ولا رائحة طعام شهي في أرجاء البيت، ولا نداءٌ لصلاة الفجر على أبنائها، ضحكات غاب صداها وبات الصمت ما بين صمود وخوف يقلب أفئدة أبنائها المنتظرين عودتها، وأسئلة تتردد على ألسنة أحفادها: “ايمتا راجعة تاتا”، دون أن تلقى جوابًا لها.
ففي يوم الإثنين 21آذار/مارس اعتقلت قوات الاحتلال المرابطة المقدسية في المسجد الأقصى سحر النتشة – أم لستة أبناء (6 إناث وشاب) -، ثم اقتحمت منزلها في بيت حنينا شمال القدس المحتلة، وعاثت فيه فسادا، وقد تم اليوم الأحد تمديد اعتقالها حتى الثلاثاء المقبل، لتوجيه لائحة اتهام ضدها من قبل النيابة العامة.
“هادا لتاتا سحر”
ابنتها لينا النتشة (25 عام) تقول إن والدتها كانت قريبة جدا من جميع بناتها ونجحت في بناء علاقة قوية بينهن تتجاوز حدود الأمومة، مضيفة، “لقد زرعت حب المسجد الأقصى بداخلنا وحثتنا على الصلاة فيه وتوعية أبنائنا بحقنا فيه، ما جعلنا نحترم كثيرا رباطها في الأقصى رغم خوفنا المستمر عليها من الاعتداءات أو الاعتقال”.
وتكمل شقيقتها أحلام (23 عام) ان والدتها تصر على أخذ أحفادها إلى المسجد الأقصى وتنقل حبها له لقلوبهم، فكلما رأى ابني ذو العامين المسجد يقول: “هادا لتاتا سحر”.
بعينين تلمعان بعد أن امتلأتا بالدمع تكمل لينا حديثها قائلة، “كنا نعيش بقلق دائم كلما سمعنا الاعتداءات على المرابطات أو اعتقالهن، ونتتبع الأخبار بسرعة باحثين عن وجه أمي بينهن، فإن كانت من بينهن نجن وكأنما اصابتنا مصيبة، وإن كانت سواها ندعو لها بالصبر وقلبنا يعتصر ألمًا”.
عيد الأم في الأسر
اعتقال سحر النتشة تم فجر “عيد الأم” الذي لم تحتفل فيه، فقد قررت بناتها مفاجأتها ببعض الهدايا وزيارتها، غير أن قوات الاحتلال سبقت موعد الاحتفال المقرر فاعتقلتها وأفسدت كل شيء. إلا أن خيبة الأمل لم تتوقف هنا؛ فقد قررت الشقيقات إعداد طبخة “ورق العنب والكوسا” ليكون غداءً ليوم الإفراج المتوقع عنها الأسبوع الماضي، إلا أن قرار المحكمة بتمديد اعتقالها أفشل مخطط العائلة مرة أخرى.
وتروي لينا أنه بعد يومين من اعتقالها اجتمعت العائلة في المنزل لتؤنس كل منهن الأخرى في غياب والدتهن، قبل أن تفاجئ قوات الاحتلال الجميع باقتحام المنزل وطلب إخلائه بغرض التفتيش، وتضيف، “كان أطفالنا نائمين ففزعوا عند رؤيتهم لجيش الاحتلال.. بقينا في الخارج لما يقارب الساعة، وعند عودتنا كانو قد عاثوا في البيت خرابًا، وقلبوه رأسًا على عقب، حتى ماكينة خياطة والدتي ألقوها أرضًا، وكذلك أوراق شقيقي محمد وهو طالب في الثانوية العامة”.
وتحدثت ليالي وهي أكبر بنات سحر عن مخاوف شديدة على والدتها نتيجة الظروف الاعتقالية، “لا نعلم إن كانت عطشانة أو جائعة أو بردانة، في محكمة الاستئناف طلبت مي ورفضوا يعطوها.. كانوا يدفعونها أثناء دخولها القاعة وخروجها منها رغم أنهم قيدوها من يديها وقدميها فكيف لها أن تُسرع خطواتها؟!”.
وتضيف ليالي، “كنا نستيفظ على أذكار الصباح حين ترسلها لنا في كل يوم، وصوتها وهي تنادي على أخي ليذهب معها لصلاة الفجر، والآن نحن نفتقد كل شيء”.
وتوضح ليالي النتشة أن سلطات الاحتلال مازالت ترفض إدخال ثياب لسحر داخل السجن، كما تمنع زيارتها أو الحديث معها بذريعة أنها موقوفة ومازالت قيد التحقيق، مضيفة، “هم مفكرين إنهم رح يخوفوا المرابطات باعتقال أمي وهنادي الحلواني، بس أنا متأكدة أمي رح ترجع أكثر قوة من قبل ومش رح يضعفوا المرابطات ولا يخافوا”.
أنا وجدتي والأقصى
تغييب سحر خلف القضبان أحدث فراغا كبيرا أحس به أحفادها الذين اعتادوا مرافقتها بشكل مستمر، فتقول حفيدتها سرين أبو رميلة (13 عام) إن جدتها كانت تصحبها كثيرا للمسجد الأقصى، وتشجعها على التسجيل في دورات التلاوة والتجويد، كما كانت تصحبها أحيانا لترابط معها عند أبواب الأقصى الذي أبعدت عنه سحر منذ أشهر.
وتستذكر سيرين موقفًا تقول إنه زرع القهر في قلبها، فتقول، “مرة ذهبت معها للصلاة في الأقصى فأوصلتني حتى أبوابه دخلت أنا وبقيت هي على الأبواب.. صرت بدي أبكي كيف أنا ادخل وهي لأ”، مضيفة، أن جدتها كانت سببا رئيسيا في حبها للأقصى وتعلقها به.
وتضيف سرين، “كانت في كل صباح توقظني باكرا فأقول لها إني متعبة فتقول: شوفي المستوطنين بصحوا من الصبح مشان يقتحموا الأقصى وهو مش حقهم، فما بالك لما يكون أقصانا؟!”.
تجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال حققت مع سحر النتشة بزعم التحريض على العنف عبر موقع التواصل “فيسبوك”، وتأييد منظمات إرهابية والقيام بأعمال شغب، وستقدم النيابة العامة لائحة اتهام بحقها الثلاثاء المقبل.
في حين أكد مختصون في الشأن المقدسي لكيوبرس أن اعتقال النتشة والعديد من النساء في المسجد الأقصى، يأتي على خلفية رباطهن عند مداخل المسجد، بعد منعهن من دخوله مع عشرات النساء سبعة أشهر على التوالي دون مبرر؛ بهدف ثنيهن عن الرباط والمطالبة بحقهن المسلوب في دخول المسجد الأقصى والصلاة فيه دون قيود.