رسالة
لمحات من مآسي يوم احتلال شرقي القدس والأقصى
- التفاصيل
- المجموعة الأم: الاقصى فى خطر
- نشر بتاريخ الأحد, 09 حزيران/يونيو 2013 05:32
- الزيارات: 4693
لمحات من مآسي يوم احتلال شرقي القدس والأقصى
طالت حرب 1967م التي شنتها دولة الكيان الصهيوني، مدنا عربية كثيرة، وكان الجرح متسعا وكبيرا، امتد إلى سيناء والجولان، ولكنه، على اتساعه، كان الأشد إيلاما في القدس والمسجد الأقصى المبارك- فهنا جرح الكرامة.
وبالرغم من أن حجم الحرب ألهى الجميع وأذهلهم عن تسجيل فصول المأساة بتفاصيلها، إلا أن الاهتمام يجب أن ينصب على إبراز الكثير من المآسي التي ظلت طي الكتمان. فالحرب لم تكن حسابات وأرقام وخسائر لدول وفرق عسكرية تابعة لها وفقط! إننا بحاجة إلى استقصاء ما حدث خلالها ببعض التفصيل، وخاصة في القدس، والمسجد الأقصى المبارك. فلم يكن الأمر مجرد ضربة لهذه الدولة العربية أو تلك، أو قضما لمزيد من الأراضي هنا وهناك وفقط، لقد كانت القدس الدرة التي فقدت.
تقول المعطيات التاريخية عن العدوان:
"في الجبهة الأردنية، بدأت المعارك في 5 يونيو بعد أن دمرت الطائرات "الإسرائيلية" 32 طائرة هوكر هنتر (هي كل سلاح الطيران الأردني) في مدرجاتها في مطاري عمان والمفرق. وحدثت معارك في مناطق القدس وجنين وقباطية والخليل، ومع مساء 6 يونيو كانت الدفاعات الأردنية قد انهارت، وصدرت الأوامر بالانسحاب إلى شرق الأردن، وفي 7 يونيو، كان الكيان "الإسرائيلي" قد أنهى احتلاله للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ودخل جنوده حرم المسجد الأقصى المبارك وهم يهزجون "محمد مات .. خلف بنات" أي يقصدون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويصرخون "يا لثارات خيبر" معلنين انتقامهم لهزيمة اليهود على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر سنة 629م – 7هـ، قبل نحو 1340 سنة." (د. محسن محمد صالح، فلسطين – دراسات منهجية في القضية الفلسطينية، ص: 302-303)
وبمزيد من التفصيل والتركيز على القدس، يقول الباحث نافذ أبو حسنة في كتابه "بيت المقدس" المنشور على موقع المركز الفلسطيني للإعلام:
"شكل احتلال الأجزاء المتبقية من القدس أحد أهم أهداف العدوان الصهيوني في حزيران من عام سبعة وستين، على ما يعرف بالجبهة الأردنية.
"حدثت معارك دامية وعنيفة جدا في القدس بين المدافعين عن المدينة ولواءي المظليين الصهاينة اللذين هاجما المدينة، يومي الخامس والسادس من حزيران، وبينما المعارك محتدمة في القدس، تمكن لواء مشاة صهيوني من مهاجمة ممر باب الواد الضيق مدعوما بالدبابات، ويحتله مع مركز شرطة اللطرون المحصن.
استمر القتال حتى السابع من حزيران داخل المدينة وتركز أعنفه حول المتحف الفلسطيني، وفي البلدة القديمة، وفي هذا اليوم استولى الصهاينة على الأجزاء الشرقية من القدس.
"استولى الصهاينة على القدس في اليوم الثالث للحرب، وقام الإرهابي الجنرال مردخاي غور بدخول الحرم القدسي الشريف*، بسيارة نصف مجنزرة، فيما وقف وزير الحرب الصهيوني موشيه دايان أمام الحائط الغربي للمسجد الأقصى، يخطب أمام مجموعة من جنوده المبتهجين قائلا: "صباح الخير هذا اليوم حرر جيش إسرائيل القدس، لقد أعدنا توحيد المدينة، وعدنا إلى أقدس الأماكن عندنا، وسوف لن نتركها أبدا".
"فرض الصهاينة حظر التجول على المدينة، واقترفوا الكثير من الفظائع داخلها، والتي بدأت بالسطو على محتويات المتحف الفلسطيني، ثم بالسطو على البيوت.
وقد وصف توفيق حسن وصفي مدير مكتب جامعة الدول العربية في القدس، والذي اعتقلته قوات الاحتلال مع عدد من القناصل العرب من مقر القنصلية البلجيكية، وصف ما رآه من فظائع فقال: "كانوا ينسفون أي بيت تنطلق منه رصاصة، ويسلبون ويسرقون بلا حساب، وكانت كل مجموعة من الجنود، تحمل ثلاثة أكياس: الأول للساعات والثاني للنقود والثالث للذهب والمجوهرات كما وصف حسن عمليات نسف البيوت حول حائط البراق.
قام الصهاينة باعتقالات واسعة، وهدموا قرى وأحياء بكاملها لتهجير سكانها.. ومنذ ذلك الوقت الذي احتلوا فيه القدس، وهم يعملون على إلغاء ونفي كل ما هو عربي في المدينة المقدسة." - انتهى
وعملا بمبدأ الحق ما نطقت به الأعداء، وكما يقول البروفيسور إبراهيم أبو جابر في الجزء الثالث من كتابه التوثيقي الرائد "جرح النكبة": "انطلاقا من مبدأ من أفواههم ندينهم"، نورد شهادات بعض الصهاينة كما وردت في هذا الكتاب القيم:
"وهذه المرة الجنود أنفسهم يعترفون: عن إلقاء عربي في خلية دبابير وتركه حتى الموت، عن مجاعة الناس و"ازدهار الزنا"، عن الإخلال بالأوامر والمماحكات بين الضباط، عن قتل العرب بدم بارد والتنكيل بجثثهم، عن إدارة الأظهر للجرحى النازفين، وحتى عن "هواية" قطع آذان العرب وجمعها في مرطبان!!
بعد 38 عاما على ارتكابهم لجرائم احتلالية بشعة ضمن ما يسمونه "توحيد القدس"، كشف مؤخرا عدد من أفراد وحدة "هرئيل" العسكرية، عددا من الشهادات والروايات الفظيعة، حول ممارسات هذه الوحدة غير الأخلاقية.
هذه الروايات، والتي صدرت في كتاب "هرئيل – المعركة على القدس"، للمؤلف تسفيكا درور، توثق الوجه المظلم والبشع 0وأين الوجه الآخر؟!)، لوحدة "هرئيل" التي أقامتها البلماخ في 15/4/1948م، بهدف احتلال مدينة القدس وقضائها، بقيادة رئيس الحكومة السابق يتسحاك رابين، كما برز من بين قادتها وعساكرها، رفائيل ايتان، ومنفذ مجزرة كفر قاسم يوشكا شدمي، ومناحيم روسك، الذي وضع الخطوط العريضة لأخلاقيات هذه الوحدة بترديد مقولته: "المواد التفجيرية والقيم لا يمكن أن تتعايش بسلام!!"
وفي هذا الكتاب، وفي تحقيق آخر ليديعوت أحرونوت بنفس الصدد، يعيد من بقوا أحياء من "هرئيل" القصة عن رفائيل ايتان، الذي ألقى عربيا في خلية دبابير، وتركه حتى الموت، وعن عدد غير محدود من الجنود الذين قطعوا أرجل وأيدي ضحاياهم، ثم قاموا بإدخال أعضائهم التناسلية في أفواههم، وجندي آخر درج على قطع أطراف آذان القتلى وتجميعها في مرطبان ليحملها إلى عائلته!.
كما وردت شهادات تؤكد على سياسة نهب البيوت المحتلة في قرية بدو والقطمون، ويتضح من شهادة أحد الضباط، إلياهو سيلع، أن هذه المسروقات لم تنهب بشكل فردي، إنما كانت هناك شاحنات تقوم بهذه المهمة، على ما يبدو بشكل منهجي، كما "زينت" هذه المسروقات عددا من القاعات في الكيبوتسات.!!"
بقى أن نشير إلى أن عددا من هؤلاء الجنود، الذين سجلوا شهاداتهم، قد عبروا عن أسفهم، ولو متأخرا جدا، بينما أصر آخرون على شرعية هذه الجرائم، إذ قال أحدهم، حاييم حيفر، بأنه "لو لم تكن هرئيل لما كانت القدس!!"
(جرح النكبة – الجزء الثالث، مركز الدراسات المعاصرة – أم الفحم، 2006م، د.إبراهيم أبو جابر، ص: 305-306)
هكذا أفصح الجنود المحتلون عن هويتهم العنصرية البغيضة وعن عدائهم للمدينة المقدسة، بتراثها العربي والإسلامي، ومن هذا المنطلق جاء عدوانهم الأعمى على القدس وأهلها ومسجدها، والذي يستمر حتى اليوم.
* يقصد بالحرم الشريف هنا كل مساحة المسجد الأقصى المبارك البالغة 144 ألف متر مربع، والذي يشمل كلا من الجامع القبلي وقبة الصخرة المشرفة إضافة إلى مختلف المعالم الأخرى الموجودة داخل سوره. وإنما يفضل عدم استخدام كلمة الحرم للإشارة إلى الأقصى، لكون المسجد الأقصى المبارك ليس حرما كحرمي مكة والمدينة
مواضيع ذات صلة: